تعزز ملف الاستثمار بعنابة وانتعش كثيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث تم استحداث مخطط خاص بتفعيل نشاط المناطق الصناعية وأخرى ذات عمل مكثف تعول عليها ولاية عنابة للخروج من دائرة التخلف التنموي، منها
بلدية عنابة التي ستعمل جاهدة من أجل استرجاع مكانتها الحقيقية في القطاع الصناعي، لكن تبقى التنمية في بعض المجالات الأخرى ضعيفة، يحدث هذا رغم توفر الولاية على أكبر مركب للحديد والصلب، إلا أن المنطقة حققت خلال السنة الماضية نسبة نمو لا يتعدى 40 بالمائة.
وحسب الإحصائيات والتقارير الأخيرة التي أعدتها مصلحة التخطيط والاستثمار، والتي تشير إلى أنه تم إسقاط عدد كبير من البرامج التنموية من أجندة الولاة الذين تعاقبوا عليها بعد تحويل أموالها إلى وجهة أخرى، دون النهوض بواقع التنمية المحلية التي بقيت حبيسة البيروقراطية وسوء التسيير، الأمر الذي أدى إلى تزايد معدل الركود التنموي، ومن ثم اتساع دائرة البطالة بالمنطقة الصناعية الكبرى بالولاية التي تشمل عنابة، الحجار، سيدي عمار والبوني وبرحال.
وحسب بعض المنتخبين، فإن التوقف المفاجئ لبعض المؤسسات الاستثمارية بعنابة تسبب في فقدان نحو 20 ألف منصب شغل دائم، منهم 45 بالمائة يشتغلون لدى الخواص، ما أجبر بعض البلديات منها البوني والحجار على تكبد خسائر مالية فادحة قدرها المجلس البلدي بالتريعات بـ 6ملايير سنتيم، سنويا تمثل المداخيل الجبائية. فيما تبقى العقارات المخصصة لإقامة المشاريع الاستثمارية بمناطق التوسع بالتريعات وعنابة وسط والبوني شاغرة ، حيث استغلت 200 قطعة أرضية جاهزة من مجموع 580 قطعة أخرى نتيجة تعقيدات إدارية تؤكد على النقص الفادح في الجيوب العقارية إلى جانب إجراءات القروض البنكية.
وتشهد بلدية الشرفة والتريعات بعض الركود بالمنطقة الصناعية باستثناء بعض الوحدات الإنتاجية والمصانع، جراء تهميش بعض البرامج. تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من المستثمرين قد استفادوا من مستثمرات فلاحية وقروض بنكية دون انجاز مشاريعهم العالقة منذ سنة 2014، منها إهمال أراضي بحيرة فتزارة ببلدية الشرفة، كما تبقى المنطقة الصناعية ذراع الريش ببلدية وادي العنب تسير التنمية بها بوتيرة السلحفاة، رغم أن المصالح الولائية قد أدرجتها ضمن مناطق التوسع العمراني الجديدة بسبب تخلي المستثمرين عن استغلالها إثر نقص التمويل والتضاريس الصعبة، ما ساهم في تعثر الكثير من البرامج التنموية الأخرى نتيجة الصراعات الداخلية بين حاملي هذه المشاريع التي لم تدعم بالقروض البنكية.
وأمام فشل المشاريع الصناعية بالعديد من بلديات عنابة والتي لم تجد طريقها لإنجاز ورقة الطريق بعد تبديد المال العام والبيروقراطية، تحولت هذه المناطق إلى بؤرة لا تعرف الاستقرار، خاصة مع تسريح طالبي الشغل الذين ينشطون بالمؤسسات الاستثمارية التي تم غلقها مبكرا بالمناطق الصناعية المعروفة بعنابة.
الاستثمار يشمل مشاريع النقل بعنابة
استفادت ولاية عنابة في إطار برنامج 2017 و2019 من عدة مشاريع طموحة وجهت لقطاع النقل على مستوى دوائر برحال، عين الباردة والبوني والحجار بغلاف مالي يفوق 550 مليون دج، في انتظار تجسيد مشروع حظيرة توقف للسيارات بعدة طوابق.
وتدخل مثل هذه المشاريع التنموية لتغيير قطاع النقل الذي يعاني الفوضى وسوء التسيير. وفي هذا السياق، كان وزير النقل قد أكد على ضرورة إعادة تنظيم قطاع النقل بعنابة وتشكيل هيئة لمراقبته، ومن شأن هذه البرامج التنموية أن تعزز القطاع الحضري في حال الإسراع في عملية انجاز هذه المشاريع الجوارية، وعليه فإن والي عنابة قد نصب لجنة خاصة لمتابعة ملف النقل شبه الحضري ببلديات عنابة بعد تنصيب المجلس الولائي وعقد جلسة عمل مع المنتخبين الذين تم انتخابهم مؤخرا لتدارس وضع كل بلدية.
السياحة تنتعش بظهور مستثمرين جدد بعنابة
ناقش، نهاية الأسبوع الماضي، عدد من المنتخبين المحليين ملف السياحة مع والي عنابة محمد سلماني، حيث انتقدوا سياسة التهميش والإقصاء التي طالت هذا القطاع الحيوي، بعد نفاد الأوعية العقارية بالولاية، الأمر الذي أدى إلى إسقاط العديد من البرامج التنموية بهذه الولاية التي تتوفر على إمكانيات طبيعية هائلة تمكنها من أن تكون منطقة سياحية نموذجية بامتياز.
وقد أكد المشاركون في فعاليات هذا اللقاء الذي حضره ممثلو مختلف القطاعات الأخرى علي ضرورة احتواء ملف العقار الذي من شأنه أن يوفر 20 ألف منصب شغل جديد للبطالين، إلا أن التلاعب بالعقارات والمستثمرات السياحية أخلط الأوراق بالولاية والتي عجز مسؤوليها عن تسوية وضعية البرامج التنموية التي فشلت خلال السنة الجارية، بعد أن أعلن الغازي عن تأجيل بعض المشاريع المهمة منها الإفراج عن بعث مناطق للتوسع السياحي التي كانت قد منحتها الحكومة الجزائرية إلى مؤسسة سيدار السعودية.
إلا أن ذلك حال دون تحقيق أدنى احتياجات الولاية على غرار انجاز قرية سياحية بمنطقة سيدي سالم، غير أن الشراكة أوقفت مشاريعها لرفضها التكيف مع الإجراءات الجديدة المتعلقة بملف الاستثمار الأجنبي في بلادنا.
وبلغة الأرقام، شرح المنتخبون المحليون واقع السياحة بعنابة بالتفصيل، حيث تناولوا قضية عجز المؤسسات الفندقية عن تعزيز احتياجات العدد الهائل من الزوار الذين يتوافدون على هذه المنطقة السياحية بقوة رغم أنها تتوفر على 46 فندقا سياحيا بطاقة استيعاب تفوق أكثر من 10 آلاف سرير.
ولتوسيع الاستثمارات السياحية، طالب الفاعلون في مختلف القطاعات بضرورة تدخل الوالي لمنح فرصة للمستثمر الجزائري مع وضع حد للبيروقراطية والتحايل علي ملفات الآخرين بالولاية، والمتمثلة في التوسع السياحي بكل من منطقة الكورنيش ووادي بقرات وكذلك الخليج الغربي بشطايبي. وقد برمجت مديرية السياحة عدة لقاءات لتحسين الوضع الداخلي وتفعيل المسار الاستثماري بالولاية.
مشروع استثماري يدخل حيز التنفيذ بعنابة
قررت الوكالة الجهوية لتهيئة السياحة بعنابة خلال جلسة العمل التي جمعت مختلف الفاعلين في القطاع، بعث نحو 12 مشروعا جديدا بالولاية، تم إعداده من طرف لجنة خاصة بمتابعة ودراسة أكبر مشروع استثماري الذي من شأنه توفير ألف منصب شغل موزعة بين الدائمة والمؤقتة للبطالين، خاصة أن هذه المشاريع الجوارية فتحت شهية المستثمرين الخواص والأجانب، منهم المقصين من قائمة المسجلين من عمليات الاستثمار خلال العشرية السوداء، إلا أن ذلك حال دون تجسيد مشاريعهم التي بقيت حبرا على ورق. وقد تم إعادة عقد اتفاقية عمل معهم من أجل توسيع مجال الاستثمار في مختلف المجالات خاصة منها البناء والصناعات التقليدية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وحسب الوكالة الجهوية للتنمية السياحية، فإن ألفين منصب عمل كان معطلا منذ سنة 2014، ويعود ذلك، حسب نفس الجهة، إلى التأخر في تسوية العقارات الموجهة إلى قطاع الاستثمار السياحي. وعليه أعطى والي عنابة محمد سلماني الإشارة الأولى من أجل مناقشة ملف الاستثمار بمناطق التوسع السياحي الكبرى وهي سيدي سالم بالبوني ووادي بقرات بسرايدي وشطايبي. وقد تم دراسة الملف مع مختلف الفاعلين في القطاع.
و من المنتظر الانطلاق الفعلي في استغلال المنطقة الصناعية الذراع الريش بوادي لعنب خلال الأيام القادمة لتحويلها إلى قطب عمراني جديد، وذلك بتخصيص 1300 هكتار لإنجاز قطب عمراني جديد يتكون من المرافق الضرورية وألفين وحدة سكنية جديدة، بالإضافة إلى تحويل منطقة مجاز الغسول بعين الباردة إلى منطقة صناعية جديدة، من شأنها حسب الدراسة الأولية توفير ألف منصب عمل جديد للبطالين القادمين من المناطق المجاورة لبلدية عين الباردة بعنابة.
20 هكتارا تخصصها أملاك الدولة للاستثمار
استرجعت، مؤخرا، مصالح أملاك الدولة بعنابة أكثر من 20 هكتارا من الأراضي التي تم استغلالها من طرف الخواص وسكان المنطقة الذين فرضوا قوتهم على هذه العقارات رغم أنها تابعة لأملاك الدولة، إلا أن عملية السطو عليها كانت وراء إهمالها وتحويلها إلى مساحات للإسمنت وأخرى فتحت شهية مافيا العقار الذين وضعتهم المصالح الولائية في خانة المتابعة إلى غاية استكمال ملف تطهير الأراضي.
ومن المنتظر تحريك نشاط 7 مشاريع تخص قطاعات السكن، التجارة والصناعة خلال الأسابيع القادمة بعد أن خصصت لها الجهات المعنية عقارات تم تسويتها بعد استرجاعها، أغلبها تخص المؤسسات المنحلة التي أعطت المصالح الولائية الوقت لها للاستثمار فيها. وفي هذا السياق، سيدخل مخطط شغل الأراضي بعنابة في مرحلته الثانية قيد الأشغال بعد الانتهاء من تجسيد الحصة الأولى لهذا المخطط، والذي ساعد على إقامة مشاريع استثمارية تراعي احتياجات وخصوصية كل منطقة بعنابة من أجل حماية العقار من النهب والتلاعبات.
علما أن مخطط شغل الأراضي في بدايته شمل 7 بلديات كبرى بعنابة، كانت قد عرضت الجيوب العقارية الحضرية، التي تدخل في إطار مخططات شغل الأراضي على القطاع الخاص لتحويلها إلى مناطق استثمارية وتقترح على الفاعلين في مختلف القطاعات التنموية المعروفة بالولاية أفكارا حول طبيعة المشاريع الاستثمارية التي ترغب في إقامتها، وتتمثل على وجه الخصوص في انجاز المشاريع التنموية المعطلة وأخرى متوقفة، علما أن هذا المخطط حرك نشاط 13 مشروعا في عهد الوالي السابق يوسف شرفة خاصة في السكن وبعد استرجاع أراضي الدولة تم تحويل سنة 2017 إلى عام للبناء والإسكان.
على صعيد آخر، تعول عنابة كثيرا على مخطط شغل الأراضي في مرحلته الثانية من أجل تعزيز الاستثمار في مختلف القطاعات مع توفير مناصب شغل موزعة بين الدائمة والمؤقتة مع محاربة ملف استنزاف الأراضي الذي بات من المشاكل الكبرى بالولاية.