في جلسة علنية خصصت لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجزائية

بوجمعة: الإصلاحات المقترحة تعزز استقلالية القضاء وتكرس حماية الحقوق والحريات

بوجمعة: الإصلاحات المقترحة تعزز استقلالية القضاء وتكرس حماية الحقوق والحريات

في جلسة علنية عقدها المجلس الشعبي الوطني، قدم وزير العدل حافظ الأختام، السيد لطفي بوجمعة، عرضا مفصلا حول مشروع قانون يتضمن قانون الإجراءات الجزائية، حيث أكد أن هذا المشروع يأتي في إطار تحيين وتعزيز المنظومة القانونية الوطنية، ومواصلة جهود إصلاح العدالة، باعتبارها أحد المحاور الأساسية للبرنامج الرئاسي.

وأوضح الوزير، أن قانون الإجراءات الجزائية يعد من الركائز الحيوية لتجسيد الأحكام الدستورية ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن المشروع يهدف إلى ضمان توازن دقيق بين متطلبات محاربة الجريمة من جهة، وضرورة احترام حقوق الأفراد وضمان محاكمة عادلة من جهة أخرى. وأبرز في هذا السياق، أن القانون شهد منذ صدوره سنة 1966 عدة تعديلات متفرقة، ما أثر أحيانا على انسجامه الداخلي، وهو ما دفع إلى إعداد مشروع جديد يتضمن مراجعة شاملة، مستلهما تجربة إصلاح قانون الإجراءات المدنية والإدارية في عام 2008. وأشار الوزير إلى أن إعداد هذا المشروع تم في إطار مقاربة تشاركية واسعة، ضمت القضاة والمحامين وأساتذة جامعيين ومصالح الأمن ومساعدي العدالة، وفي صياغته تم مراعاة الحفاظ على المكتسبات السابقة، مع إدراج أحكام جديدة تستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة وتواكب التحولات السريعة التي يعرفها المجتمع. ومن بين أبرز المستجدات التي يتضمنها المشروع، بحسب الوزير، تلك المتعلقة بحماية المال العام وتحسين تسيير مرفق القضاء، حيث يقترح المشروع إدراج إجراء بديل للمتابعة الجزائية ضد الأشخاص المعنويين في بعض الجنح، يسمح بإرجاء المتابعة مقابل استرجاع الأموال المنهوبة أو المحولة إلى الخارج ودفع المستحقات المالية لخزينة الدولة. كما أعلن، عن استحداث وكالة وطنية لتسيير الأموال والممتلكات المحجوزة أو المصادرة، تهدف إلى سد الفراغ المؤسساتي في هذا المجال وضمان استرجاع الأملاك المهربة. كما يعزز المشروع صلاحيات النيابة العامة في الجرائم الخطيرة، ويمنحها الحق في تفويض نشر صور أو هويات الأشخاص المبحوث عنهم بعد إذن كتابي. وفيما يتعلق بالإصلاحات الإجرائية، أشار وزير العدل إلى أن المشروع يكرس تبسيط الإجراءات ورقمنتها، عبر اعتماد نظام التحذير في النزاعات البسيطة بين الجيران والأقارب، وتوسيع العمل بنظام الأمر الجزائي، ومراجعة نظام المثول الفوري، واستحداث إجراء المثول بناء على الاعتراف بالذنب، بما يسمح بمعالجة سريعة وفعالة للقضايا. وفي محور ذي صلة بحماية المسؤولين المحليين، شدد الوزير على أهمية توفير بيئة مستقرة للمسيرين النزهاء، من خلال عدم الاعتداد بالرسائل المجهولة، والتمييز بين الخطأ الإداري والخطأ الجزائي، واشتراط تقديم شكوى مسبقة من الهيئات الاجتماعية للمؤسسات العمومية الاقتصادية، قبل تحريك الدعوى العمومية في قضايا التسيير. كما تضمن المشروع، تعزيزا لحقوق الأفراد، من خلال ضمان الحق في الاستئناف لجميع الأحكام الجزائية، وإقرار التظلم أمام النائب العام في حال صدور قرار بالحفظ، وتبسيط أوامر القبض، إلى جانب تعزيز حقوق الدفاع عبر كافة مراحل الدعوى. وفي سياق مكافحة الجريمة، كشف الوزير عن إعادة تنظيم الأقطاب القضائية المتخصصة، لا سيما القطب الوطني الاقتصادي والمالي الذي سيُوسّع اختصاصه ليشمل الجرائم المتعلقة بالنقد، والبورصة، والتهرب والغش الضريبيين، مع الإبقاء على تنظيم أقطاب مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وجرائم الإعلام والاتصال بالنظر إلى فعاليتها المثبتة. أما فيما يخص الجرائم الخطيرة، كجرائم القتل العمدي والاختطاف، فقد أُدرجت ضمن الجرائم التي تتيح تمديد التوقيف للنظر، وإجراء التحقيقات في أي ساعة من ساعات الليل أو النهار، شريطة الحصول على إذن مسبق من النيابة العامة. وفي ختام مداخلته، توجه وزير العدل بالشكر إلى رئيس وأعضاء لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، وكافة الجهات التي ساهمت في إعداد هذا المشروع، مؤكدا أن هذا القانون يمثل خطوة متقدمة نحو عدالة أكثر فعالية وتوازنا بين حماية المجتمع وصون حقوق الأفراد.

 

محمد بوسلامة

Peut être une image de 2 personnes et texte