معاكسات الشباب.. بين التجريح والتحرش

معاكسات الشباب.. بين التجريح والتحرش

 

أضحت ظاهرة معاكسة الفتيات تتزايد كالفطريات في المجتمع الجزائري، وهذا أمام تطوير وتحديث طرق المعاكسات التي يلجأ إليها العديد من الشبان المراهقين الطائشين الذين يستهويهم شغف مطاردة الفتيات ومعاكستهن، كما أصبحت ذات الظاهرة تثير قلق الكثير من العائلات نتيجة المضايقات الشديدة التي تتعرض لها بناتهم أثناء ذهابهن للعمل أو الدراسة.

معاكسات تحتاج إلى إعداد وترتيبات

ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة معاكسة الشباب للفتيات، بحيث لا يمر يوم ما إلا وتسمع فيه الفتاة مجموعة من الألفاظ التي تجرح آذان الملايين المارة في الشوارع، وهو إما تحرش لفظي أو حركي يقوم به أحد الجنسين تجاه الآخر في أي مرحلة نفسية كانت بهدف تكوين علاقة اجتماعية أو عاطفية، وهي تكون إما عن طريق الكلام المباشر أو بالإشارة عن طريق الهاتف أو عن طريق الشخص الوسيط، و مع عصر العولمة انتقلت المعاكسات من حائط “الشارع” إلى حائط “الفايسبوك” و عدة مواقع للتعارف، والأحدث من ذلك هي الملاحقة بالسيارة، أما الآن فعليكم ببعض الألفاظ الشائعة، فلا تستعجب من ذلك فالمعاكسات اليوم كالعمليات الجراحية تحتاج إلى إعداد وترتيبات نذكر منها: واش عينيا، واش لحلوة، الزين لابس حزين، واش مينوشة، لعميرة…الخ، بالإضافة إلى الألفاظ البشعة التي لا يمكن ذكرها.

معاكسات تنتهي بالضرب والقتل

 تتعرض الكثير من الجزائريات على اختلاف أعمارهن، وعلى اختلاف هيئاتهن من المتبرجة إلى المحجبة وحتى المتجلببة إلى مضايقات تكاد تكون يومية في الشوارع، والفاعل في ذلك شباب لا شغل لهم سوى التسكع في الطرقات ومطاردة الفتيات بأبشع الألفاظ ، ويسوء الأمر إذا كانوا تحت وطأة المخدرات والكحول، حيث لا يتوانون في الاعتداء على النساء وبكل وحشية انتقاما منهن على رفضهن التجاوب معهم، وحسب إحصائيات مصالح الأمن فإن أكثر من 72 بالمائة من النساء تتعرضن للعنف من طرف رجال أجانب. وبدورها عالجت المحاكم مؤخرا الكثير من حالات الضرب وحتى القتل راحت ضحيتها فتيات في مقتبل العمر ليس لهن ذنب.

ويرى مختصون أنه يمكن تصنيف المعاكسات إلى صنفين أساسيين، معاكسات ترتبط بالشخصية السوية وأخرى بشخصية مرضية، والمعاكسات السوية هي غير المبتذلة ولا تنطوي على نزعات عدوانية تجاه الجنس الآخر بمعنى أنها تعبر عن رغبة طبيعية في بناء علاقات مع الجنس الآخر بهدف بناء الشخصية وتحقيق الذات أي تحقيق الحاجة إلى القبول وفقط، وهذه المعاكسات تبدأ عادة في فترة المراهقة وتستمر إلى فترات الشباب المتأخرة، كما يمكن أن تشمل الكهول وحتى الشيوخ إذا كان هناك تقارب في السن والحالة الاجتماعية. أما بالنسبة للمعاكسات المرضية فتتم بعدة أساليب، وهي معاكسات مبتذلة تنطوي على نزعة عدوانية غير متكافئة في السن وفي الحالة الاجتماعية، وتتصف كذلك بتحقيق مكبوتات معينة قصد الانتقام أو تلبية الرغبات بأبشع الطرق حتى وإن تطلبت إلحاق الأذى بالطرف الآخر.

الفتيات المتهم الأول في تزايد الظاهرة

وللتعرف على أسباب هذه الظاهرة المؤسفة، تجولنا في الشارع الجزائري و اطلعنا على آراء الجنسين و كانت البداية مع الشاب “عمر” الذي فتحنا معه الحوار وأرجع سبب هذه الظاهرة إلى الانفتاح في المجتمع الجزائري، فلم يعد هناك شبان محرومون من العلاقات، لأن مظهر الفتاة وشكلها يلفتان الانتباه و يلعبان الدور الأساسي في إقدام الشاب على معاكستها.

أما” صونيا “و هي طالبة جامعية، أكدت أن هذه الظاهرة ازدادت خاصة في أوساط الجامعة ، حيث أصبحت حتى الفتاة تعاكس الشاب، وترجع سبب هذه الظاهرة إلى نقص الوازع الديني لدى الجنسين، و التربية الخاطئة في البيت والتعليم بأسلوبه الجديد،

وما تبثه وسائل الإعلام من مسلسلات تركية، و أفلام غربية ، و أغاني تثير الغريزة والشهوة.

ورأى كذلك “منير” ذو 35 سنة ، بأن البطالة هي السبب في ذلك أيضا، لأنها تخلق فراغا في حياة الفرد ، فيضطر إلى إشباع وقته في مثل هذه التصرفات السيئة المخجلة، إضافة إلى الظروف الاقتصادية المؤثرة على حياة الولد مما يجعله يؤخر الزواج، كما يرى أن لباس البنت لابد أن يليق بها كفتاة تمشي في الشارع يتفقدها الكثيرون، و لكنه أشار في نفس الوقت إلى أنه لم تسلم أي فتاة من المعاكسات بل حتى المنقبات، فما بالك بالفتيات المتبرجات، كما أكد أن التربية من قبل الأسرة هي العامل الأساسي، فلا بد من تربية الولد و البنت على أسس تربوية صحيحة لنجعلهم قادرين على مواجهة المجتمع و التأثير فيه بشكل إيجابي..

وبالنسبة للسيدة “كريمة” في الـ 48 سنة التي ترجع السبب وتلقي اللوم كله على الفتيات، لأنهن يلبسن ملابس فاضحة ومثيرة للغرائز غير لائقة بالشارع، و رأت بأن الفتاة التي تتجاوب مع هذه المعاكسات بغرض الزواج، خاطئة في تفكيرها ، لأن الكثير من الشباب ينظرون إليهن من منظار التسلية، و لكن إذا أرادوا الزواج حقا فهم ينظرون من معيار آخر متزن و أكثر جدية، و ترى كذلك أن بنات اليوم أصبحت أخلاقهن في انحدار، وربي يستر أولادنا.

كما صرح لنا “مهدي” و بكل صراحة ووضوح ، أنه لكل شاب غريزة بحيث تختلف التصرفات من فرد لآخر، فهناك من يحب التحرش بأدب وآخر بلا أدب، كما يقضيها البعض على الأنترنت و على المواقع الإباحية، فقبل أن تحاسبوا الشباب على ذلك حاسبوا الفتيات على المناظر المثيرة و الخلابة التي نراها كل يوم.