وقعت بين السلاسل الجبلية والأودية الصعبة

معركة سوق أهراس.. معركة المواجهة والتحدي للمستعمر الغاشم

معركة سوق أهراس.. معركة المواجهة والتحدي للمستعمر الغاشم

تعتبر معركة سوق أهراس الكبرى من أكبر المعارك التي عرفتها ثورة التحرير الجزائرية، من حيث عدد الجنود، الأسلحة والعتاد الذي استخدمه الاستعمار الفرنسي ضد المجاهدين.

وقعت معركة سوق أهراس وسط سلاسل جبلية كثيفة وأودية صعبة الاجتياز بتاريخ 26 أفريل 1958، واستخدم المستعمر الفرنسي في هذه المعركة الفيلق الـ9 والـ14 للمظليين، الفيلق 8 و28 للمدفعية بعيدة المدى والفيلق 26 و151 و152 مشاة ميكانيكية.

وقال الباحثون إن هذه الوحدات لها تاريخ عسكري ومن أشرس الفرق العسكرية الفرنسية التي شاركت في الحربين العالميتين الأولى والثانية وحرب الهند الصينية.

كما يصفها الباحثون بأنها أم المعارك وأم الشهداء لأنها كانت معركة المواجهة والتحدي والاصطدام مع العدو الفرنسي إلى درجة الالتحام، حيث كان المجاهد الواحد وقتها يواجه 10 عساكر فرنسيين مدججين بأحدث الأسلحة وترسانة الحلف الأطلسي في أراضي سهلية لا قلاع حصينة فيها تحمي المجاهدين ولا صخور عظيمة تقيهم من شظايا القنابل وعبوات مدافع الميدان الجهنمية.

وكانت التضحيات في هذه المعركة جسيمة لا يضاهيها إلا مستوى الطموح الذي كان وقتها يحدو مجاهدي الفيلق الرابع الذي يعد تشكيلة متحدية لإرادة الكماشة التي شرعت في تطبيقها السلطات الاستعمارية لخنق الثورة في الداخل من خلال منع دخول السلاح والذخيرة الحربية.

ووقعت هذه المعركة التي استمرت أسبوعا كاملا، يوم 26 أفريل 1958 انطلاقا من منطقة “ويلان” بالقرب من سوق أهراس لتتوسع إلى أعالي حمام النبائل (قالمة) المجاورة مخلفة 639 شهيدا وقتل فيها ما لا يقل عن 300 من جنود الاستعمار وجرح 700 آخر، لتبقى بذلك مسجلة بكل افتخار في ذاكرة من عايشوا أحداثها من مجاهدين ومواطنين.

وكانت وحدات جيش التحرير الوطني مؤلفة من الفيلق الرابع بقيادة المجاهد الراحل محمد لخضر سيرين ونوابه أحمد درايعية ويوسف لطرش وكتائب أخرى كانت متجهة إلى الداخل لإمداد الولايات الداخلية بالسلاح منها كتيبة متجهة إلى منطقة الطاهير (جيجل) وميلة وسكيكدة.

وتحدثت جريدة “لوديباش دو كوستونتين” آنذاك عن نجاح قوات جيش التحرير الوطني في عبور خط موريس” مقللة من “احتمال نجاح المجاهدين”، ذاكرة بأن “قوات فرنسا تقوم بصد محاولة العبور من تونس إلى الداخل”.

لكن بعد يومين غيرت ذات الجريدة وصفها للأحداث، حيث تحدثت عن “نجاح قوات جيش التحرير الوطني في عبور خط موريس المكهرب واشتباكها مع الجيش الفرنسي قرب مدينة سوق أهراس”، وقالت ذات الجريدة إن “هذه المعركة عنيفة وصلت إلى حد الالتحام بالسلاح الأبيض”، وذكرت بأن “القتال يجري بضراوة ووصل إلى حد التلاحم والتصادم وجها لوجه”.

ولم تفهم قوات الجيش الفرنسي التي كانت حاضرة وقتها في تلك المعركة ما الذي حصل، وفق الشهادة التي أدلى بها كل من الرقيب لاصن والملازم صابورو، اللذان كانا تحت قيادة النقيب سارج بومو وهو ضابط مظلي فرنسي الذي قتل رفقة 32 من عساكره.

واستنادا لرئيس جمعية الناجين من هذه المعركة، المجاهد حمانة بولعراس، فإن ميدان معركة سوق أهراس الكبرى تم اكتشافه بوادي الشوك ببلدية الزعرورية، وبعد أسبوع تقريبا من المعارك تسلل المجاهدون وتحولوا إلى جبال المشروحة ثم إلى الدهوارة وفي 2 ماي 1958 وهو اليوم الأخير من المعركة تمكن المجاهد الراحل محمد لخضر سيرين من جمع شمل المجاهدين وتحولوا بعد ذلك إلى الناحية الشرقية عبر الدريعة ومداوروش.