إن مفهوم العبادة في الإسلام: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وهي تتضمن غاية الذل والحب؛ إذ تتضمن غاية الذل لله تعالى مع المحبة له، وهذ المدلول الشامل للعبادة في الإسلام هو مضمون دعوة الرسل عليهم السلام جميعًا، وهو ثابت من ثوابت رسالاتهم عبر التاريخ، فما من نبي إلا أمر قومه بالعبادة، قال الله تعالى: ” وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ” الأنبياء: 25. عندما نتكلم عن شمولية العبادة، فإننا نركز على عدة مجالات نذكر منها:
المجال الأول: العلاقة بين الله عز وجل وبين عبده: لقد أمرنا الله تعالى بعبادات كثيرة أعظمها الأركان الخمسة التي افترضها الله تعالى علينا: أن نقر له سبحانه بالربوبية والألوهية، فالله تعالى هو الذي خلق الخلق ليفردوه بالعبادة والطاعة لذا جاء الأمر بها في آيات كثيرة” وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ” النساء: 36. فحقيقة العبادة هي استسلام القلب والجوارح لله حبًّا وخضوعًا له، وخوفًا من عقابه، لا شريك له في شيءٍ من ذلك ألبته، فهو المستحقُّ للعبادة وحده دون ما سواه.
المجال الثاني: العلاقة بينك وبين أخيك المسلم: فالإسلام ليس محرابا فحسب وإنما هو دين ودينا، واعملوا أن العلاقة بينك وبين أخيك المسلم تكون عبادة من أجل العبادات متى أخلصت فيها لله تعالى، فمن العبادة أن تحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده! لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه، أو لجاره، ما يحب لنفسه” جامع الصحيحين.
المجال الثالث: عمارة الكون والسعي في طلب الرزق عبادة: وليس من شك في أن عبادة الله هي الأصل والأساس إذ يقول سبحانه وتعالى: ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ” الذاريات: 56، ولكن العبادة المقصودة بحكم النص القرآني أن الإنسان العابد لا بد أن يكون عاملًا منتجًا، باعتبار أن العمل الجاد هو السبيل لإسعاد الفرد والجماعة، وفي هذا يقول سبحانه وتعالى ” الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ” الحـج: 41. وقال صلى الله عليه وسلم في أمر الدنيا وعمارتها: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم “إِن قَامَت السَّاعَة وبيه أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ “.
المجال الرابع: شمولية العبادة في معاملة غير المسلمين: الإحسان لغير المسلمين في المجتمعات الإسلامية من الوسائل الهامة في دعوتهم، فقد شرع الإسلام لغير المسلمين من الذميين والمستأمنين المعاملة الحسنة قَالَ تَعَالَى: ” لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ” المُمْتَحَنَة: 8.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي