التاريخُ عبء على ضحاياه، أما نحنُ فكلّ ما فينا عابرٌ حتّى حواسّنا، بالأمس كأنّنا كنّا نشاهد قصة دراميّة حزينة، أحزننا موت البطل، بكينا، تألمنا ثمّ لاحقا حتى ننسى شغّلنا أغنية لنرقص على أوجاعنا تيمّنا في الفرح! صمنا حتّى عن التذكر.. هناك شيخ يقف على الرّكام لم ينتشل عكازته من تحت الأنقاضِ بعد! وأمّ تضمّ ابنها بحرقة الحنين، وبعطش الصحاري لما يرويها؛ وإن كانت دموع التّائهين ابنها الناجي من قذيفة، تُخبرهُ عن الموت الذّي فرّق دم والده في الأزقّة، وعنْ جدّته التّي لم يصلها أنبوب السيروم في الوقتِ الهارب من وابل رصاص، تحدّثهُ عن صيام العرب في كلّ عام عن البطولة!
غزّة وحيدة كعادتها، صامدة رغم خيبتها، تنفضُ عنها الخراب وتلعنُ خذلاننا، تطلّ علينا بوجه مكابر، كالسنابل رغم قسوة المناجل، ومواسم الحنطة عُرسها الكبير، هكذا غزّة الصمود وغزّة الشهداء، فصوموا يا مسلمين.. أنتم عن المروءة صائمون منذ أمد!
بقلم: نسرين بن لكحل – تبسة-