منهاج المسلم.. زهد النبي صلى الله عليه وسلم

منهاج المسلم.. زهد النبي صلى الله عليه وسلم

كان نبينا صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا ، وأقلهم رغبة فيها ، مكتفياً منها بالبلاغ ، راضياً فيها بحياة الشظف ، ممتثلاً قول ربه عز وجل ” ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى”  طه : 131. ، مع أن الدنيا كانت بين يديه ، ومع أنه أكرم الخلق على الله ، ولو شاء لأجرى له الجبال ذهباً وفضة. وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره عن خيثمة أنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم نعطه نبياً قبلك ، ولا نعطي أحداً من بعدك ، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله ، فقال : اجمعوها لي في الآخرة ، فأنزل الله عز وجل في ذلك : ” تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ” الفرقان : 10 ، وخُيِّر صلى الله عليه وسلم بين أن يكون ملِكاً نبياً أو عبداً رسولاً ، فاختار أن يكون عبداً رسولاً . وأما حياته صلى الله عليه وسلم ومعيشته فعجب من العجب ، دخل عليه عمر رضي الله عنه يوماً ، فإذا هو مضطجع على رمالِ وحصيٍر ليس بينه وبينه فراش ، وقد أثّر في جنبه ، قال عمر : فرفعت بصري في بيته ، فو الله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر ، فقلت : ادع الله فليوسع على أمتك ، فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله ، فقال : ” أوَفي شك أنت يا ابن الخطاب ، أولئك قوم عُجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا” رواه البخاري ، وكان يقول : “ما لي وللدنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها ” رواه الترمذي ، وكان فراشه صلى الله عليه وسلم من الجلد وحشوه من الليف .

من كتاب منهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري