من أسباب الوقاية من الوباء

من أسباب الوقاية من الوباء

رَغْمَ الْحَمْلَةِ الْعَالَمِيَّةِ الْمَسْعُورَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ الَّتِي تَبَنَّاهَا الْأَعْدَاءُ بِتَشْوِيهِ شَرِيعَتِهِ، وَالتَّنْفِيرِ مِنْهَا، وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالطَّعْنِ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالسُّخْرِيَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ يَقِفُ مَشْدُوهًا مُعْجَبًا أَمَامَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي جَاءَتْ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعَامُلِ مَعَ الْأَوْبِئَةِ، وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا فَضْلُ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَغَسْلِ الْأَيْدِي، وَهُمْ بِالْأَمْسِ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ فَسُبْحَانَ مُغَيِّرِ الْأَحْوَالِ، وَمُبَدِّلِ الْأَقْوَالِ، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ. وَفِي الْإِسْلَامِ أَسْبَابٌ لِلْوِقَايَةِ مِنَ الْوَبَاءِ وَعِلَاجِهِ:

فَمِنْ أَسْبَابِ الْوِقَايَةِ مِنَ الْوَبَاءِ: الْعَزْلُ الصِّحِّيُّ لِلْمُدُنِ الْمَوْبُوءَةِ، فَلَا يُدْخَلُ إِلَيْهَا، وَلَا يُخْرَجُ مِنْهَا؛ وَذَلِكَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَنَاوَلَتِ الطَّاعُونَ، وَالطَّاعُونُ نَوْعٌ مِنَ الْوَبَاءِ، وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا سُرْعَةُ انْتِشَارِهِمَا وَالْعَدْوَى بِهِمَا، وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ” مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمِنْ أَسْبَابِ الْوِقَايَةِ مِنَ الْوَبَاءِ: عَزْلُ الْمُصَابِينَ بِهِ، وَمَنْعُهُمْ مِنْ مُخَالَطَةِ الْأَصِحَّاءِ؛ لِئَلَّا تَنْتَقِلَ الْعَدْوَى إِلَيْهِمْ، وَهُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْأَحَادِيثِ، وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ” رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: “كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ” رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَمْ يُصَافِحْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَجْذُومٌ.

وَمِنْ أَسْبَابِ الْوِقَايَةِ مِنَ الْوَبَاءِ: سُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، وَالتَّعَوُّذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْبِئَةِ، وَمِنَ الدُّعَاءِ الْمَحْفُوظِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي” رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ عِلَاجِ الْوَبَاءِ بَعْدَ إِصَابَةِ الْإِنْسَانِ بِهِ: التَّدَاوِي مِنْهُ بِالْأَدْوِيَةِ النَّافِعَةِ الْمُجَرَّبَةِ، وَالْأَغْذِيَةِ الْمُقَوِّيَةِ لِلْمَنَاعَةِ؛ فَإِنَّ لِلْغِذَاءِ الطَّيِّبِ أَثَرًا عَظِيمًا فِي قُوَّةِ الْجَسَدِ وَمُكَافَحَتِهِ لِلْمَرَضِ وَالْعَدْوَى، وَكَانَ النَّاسُ قَدِيمًا يَمُوتُونَ بِكَثْرَةٍ فِي الْأَوْبِئَةِ؛ لِضَعْفِ تَغْذِيَتِهِمْ، وَأَكْثَرُ ضَحَايَا الْأَوْبِئَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ. وَالتَّدَاوِي مَشْرُوعٌ وَمَأْمُورٌ بِهِ؛ لِمَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: “لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ” رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ أَسْبَابِ الْوِقَايَةِ مِنَ الْوَبَاءِ وَرَفْعِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ: التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاللُّجُوءُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ.