من الوعد المفعول إلى بشرى للصابرين.. أحمد الإبراهيمي: قوافل البركة تتحدى الاحتلال وأدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياته في إعادة إعمار غزة

من الوعد المفعول إلى بشرى للصابرين.. أحمد الإبراهيمي: قوافل البركة تتحدى الاحتلال وأدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياته في إعادة إعمار غزة
  • الصمود الفلسطيني هو درس للأجيال القادمة في التمسك بالحق والحرية وهو نموذج عالمي لإرادة الشعوب في مواجهة الاحتلال
  • الاحتلال الإسرائيلي يرتكب انتهاكات إنسانية غير مسبوقة مستهدفًا الأطفال والمستشفيات ومقومات الحياة بشكل يفوق كل الحدود والأخلاق
  • جمعية البركة الجزائرية تقف في الصفوف الأمامية لدعم فلسطين رغم الحصار المالي والصعوبات الميدانية
  • الخذلان العربي لغزة يؤلمنا لكننا في جمعية البركة مستمرون في دعم صمود الشعب الفلسطيني
  • الوضع في غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة وإعادة الإعمار معركة جديدة يجب أن تتحملها الأمة العربية والإسلامية
  • الجزائر كانت وستبقى وفية لفلسطين ودعمها هو واجب ديني وإنساني يعكس قيم شعبها وحكومتها

 

في حوار شيق مع الأستاذ أحمد الإبراهيمي، رئيس جمعية البركة الجزائرية لدى نزوله ضيفا على منتدى “الموعد اليومي” تناول عدة محاور تتعلق بالقضية الفلسطينية وتحدياتها بالإضافة إلى الدور المهم الذي تقوم به جمعية البركة في دعم الفلسطينيين وتخفيف معاناتهم.

الأستاذ الإبراهيمي، الذي يعد من الشخصيات البارزة في العمل الإنساني والإغاثي في فلسطين، طرح رؤيته للأحداث الجارية في غزة وناقش دور الجزائر والعالم العربي في هذا السياق، منوها إلى الدور المهم للجمعيات الخيرية في تقديم المساعدات الإنسانية رغم التحديات.

 

الصمود الفلسطيني ورفض التنازل عن الحقوق

في بداية حديثه، أكد الأستاذ أحمد الإبراهيمي أن الشعب الفلسطيني قد أظهر قدرة استثنائية على الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذا الصمود ليس مجرد مقاومة عسكرية بل هو في جوهره تجسيد لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة. “الصمود الفلسطيني هو درس في الثبات والتمسك بالحق، وهو نموذج للأجيال القادمة على أن صاحب الحق هو المنتصر في النهاية حتى وإن دفع ثمنا باهظا” يقول الإبراهيمي. وأضاف، إن ما حدث في غزة بعد السابع من أكتوبر 2023 أثبت أن المقاومة الفلسطينية، رغم كل الظروف القاسية تبقى قادرة على التصدي لأعتى القوات العسكرية في العالم وهو ما لا يزال يثير إعجاب العالم بأسره بمن فيهم سياسيون وإعلاميون من داخل الكيان الصهيوني. وركز الإبراهيمي على الموقف الإسرائيلي، مشيرا إلى أن العدو الصهيوني كان يخطط لتحقيق مجموعة من الأهداف المعلنة مثل القضاء على المقاومة الفلسطينية، وتهجير السكان، واستعادة الأسرى. إلا أن هذه الأهداف قد باءت بالفشل الذريع. وتابع قائلا: “ما شهدناه على الأرض كان عكس ما ادعى العدو، فقد فشلت خططهم العسكرية والاستخباراتية بل وفي المجال الاقتصادي أيضا”. وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية قد أفشلت مخططات الاحتلال بينما العالم بأسره بما في ذلك بعض الشخصيات الإسرائيلية اعترفوا بالهزيمة على مختلف الأصعدة.

 

الاحتلال الإسرائيلي.. انتهاكات إنسانية غير مسبوقة وسقوط أخلاقي فاضح

استمرارا في حديثه عن الاحتلال الإسرائيلي، أشار الإبراهيمي إلى أن جرائم الاحتلال لا يمكن وصفها إلا بأنها انتهاك فاضح لكل المبادئ الإنسانية والأخلاقية. “الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم فظيعة في غزة، استهدف الأطفال الخدج، دمر المستشفيات، وقتل الجرحى داخل غرف العمليات، وهذه جرائم لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال”. وأضاف المتحدث، أنه قد تم تدمير بنية غزة التحتية بشكل كامل وتعرض المدنيون لمجازر جماعية، بينما لم يكن هناك أي مراعاة للقوانين الدولية أو الإنسانية. وأعطى الأستاذ أحمد مثالا مأساويا عن وفاة كل الأطفال الخدج في مستشفى كمال عدوان بسبب انقطاع الأوكسجين فضلا عن مقتل المرضى في غرف العمليات بسبب القصف العشوائي المتعمد للمستشفيات. وتابع قائلا: “الاحتلال لم يتوان عن استهداف كل ما هو إنساني بما في ذلك الأطفال والمستشفيات وهذه الأعمال تمثل تجاوزا لكل الحدود الأخلاقية”. وأكد أن غزة اليوم لا تشبه أي مكان آخر في العالم. شعبها الذي تحمّل جميع صنوف القصف والتدمير قاوم من أجل البقاء على أرضه بينما شهدت بلدان أخرى مثل أوكرانيا نزوحا جماعيا لملايين من المدنيين ولم يصمدوا في وجه الاجتياح الروسي. لكن الفلسطينيين في غزة لم يغادروا أرضهم بل ثابروا وجاهدوا ورفضوا الرحيل تحت أي ظرف.

 

جمعية البركة.. عندما يصبح العمل الإنساني جهادا في سبيل الله

أما عن الدور الإنساني الذي تقدمه جمعية البركة الجزائرية في دعم الشعب الفلسطيني، فقد أكد الإبراهيمي أن الجمعية عملت على تقديم المساعدات الإنسانية ليس فقط أثناء الحرب بل منذ سنوات طويلة. “جمعيتنا كانت وما زالت في الصفوف الأمامية في دعم الشعب الفلسطيني، وساهمنا في كسر الحصار المفروض على غزة من خلال إرسال قوافل بحرية تعرضت للقرصنة من قبل الاحتلال، إضافة إلى أكثر من 50 قافلة برية تحمل مساعدات إنسانية”، يقول الإبراهيمي. وأشار إلى أن الجمعية، قد تعرضت لمشاكل عدة في تأمين الدعم اللازم بسبب شح المصادر المالية ونقص الدعم إلا أن ذلك لم يمنع الجمعية من مواصلة عملها. “دعم غزة كان وما يزال واجبا دينيا وإنسانيا ونحن لم نتوقف عن تقديم الدعم سواء من خلال إرسال الأدوية والمساعدات الغذائية أو عبر تقديم الدعم اللوجستي”. وأوضح أن الجمعية تمكنت من دخول شاحنات محملة بالدواء والخيام ومواد طبية رغم الحصار كما قامت بترميم المستشفيات المتضررة من القصف رغم التحديات الميدانية والمالية.

 

مواجهة الخذلان العربي أصعب من مواجهة العدو الصهيوني

ورغم الجهود المبذولة من الجمعيات الإنسانية، أشار الإبراهيمي إلى خيبة أمل كبيرة نتيجة عدم توفير الدعم الكافي من بعض الدول العربية. وقال: “الشيء الوحيد الذي لم يتغير خلال هذه الحرب كان الخذلان. لم نجد الدعم المالي الكافي وكان لدينا توقعات كبيرة بأن تفتح الحدود أمام المساعدات لكن الدعم المالي كان ضعيفا للغاية”. ورغم هذه التحديات أكد الإبراهيمي أن جمعية البركة الجزائرية تمكنت من تقديم مساعدات مهمة، حيث تمكنت من دخول شاحنات محملة بالدواء والخيام وأكد أن الجمعية وثقت جميع المساعدات عبر 28 ألف فيديو. ورغم غياب الدعم المالي الكافي أصرت الجمعية على مواصلة العمل، مشيرا إلى أن المرحلة القادمة ستكون أكثر تحديا في ظل تدمير 90% من غزة. “التحديات ستزداد مع مرور الوقت، لكننا ملتزمون بالمواصلة والمساهمة في إعادة الإعمار”، يضيف الإبراهيمي.

 

الكارثة الإنسانية في غزة أكبر من أن توصف..

أما عن الوضع الحالي في غزة، فقد وصفه الإبراهيمي بأنه كارثة إنسانية غير مسبوقة. وقال: “هذه الحرب تفوق في دمارها ما شهدته غزة في جولات التصعيد السابقة مثل سيف القدس أو العصف المأكول”. وأوضح أن البنية التحتية في غزة دمرت بشكل شبه كامل بما في ذلك شبكات المياه، الصرف الصحي، المستشفيات، وحتى المدارس والمنازل، حيث قال الإبراهيمي متحسرا “لا يمكننا الحديث عن إعادة إعمار غزة في ظل هذه الكارثة، فكل شيء يجب أن يعاد بناؤه من الصفر”. وأكد أن غزة اليوم في حاجة ماسة إلى المساعدات العاجلة، ولكن الأهم من ذلك هو مسألة إعادة الإعمار التي يجب أن تتحملها الأمة العربية والإسلامية ككل. “إذا خذلنا غزة في الحرب، فلا يجوز أن نخذلها في إعادة الإعمار” ….

 

إعادة الإعمار مسؤولية الجميع..

ولم يفوت الإبراهيمي الفرصة وأشار إلى أن إعادة إعمار غزة هي مسؤولية الأمة العربية والإسلامية وليس فقط مسؤولية الفلسطينيين أو الجزائر. وقال “إعادة الإعمار هي معركة جديدة معركة لإعادة بناء ما دمره الاحتلال ويجب أن نتحرك بسرعة لإنقاذ ما تبقى من غزة”. وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تحميل المقاومة مسؤولية الدمار، مشيرا إلى ضرورة التصدي لهذه المحاولة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في محنته. وأضاف أن العالم يجب أن يفهم أن ما يحدث في فلسطين ليس مجرد قضية محلية، بل هو تهديد للأمن القومي العربي والإسلامي بأسره.

 

لا أحد يزايد على دور الجزائر في دعم فلسطين..

وبخصوص دور الجزائر، قال الأستاذ أحمد الإبراهيمي: “الجزائر كانت دائما في مقدمة الدعم لفلسطين شعبها والحكومة وقد أثبتت الجزائر وفاءها لفلسطين”. وأكد أن الجزائر كانت وما زالت تساند فلسطين، حتى في أصعب الظروف، وشدد على أهمية استمرار هذا الدعم، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو المواقف السياسية التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين. وقال الإبراهيمي بتأكيد أن الجمعية ستواصل دعمها لفلسطين في المستقبل، وأن الدعم الجزائري لفلسطين ليس مجرد عمل خيري، بل هو واجب ديني وإنساني وجهاد في سبيل الله بالمال. وقال: “نختار لحملاتنا الإغاثية أسماء من القرآن لنبعث برسالة أمل وطمأنة فبعد حملة الوعد المفعول التي عملنا في على تنفيذ وعدنا ببذل الدعم الكامل واللامشروط لأهلنا في غزة أثناء الحرب ها نحن اليوم في حملة “بشرى للصابرين” نشارك في معركة إعادة الإعمار بكل ما نملك من قوة.. يضيف الإبراهيمي بنبرة ملؤها التفاؤل.

 

الجزائر قادرة لوحدها على إعمار غزة..

وأوضح الإبراهيمي، أن الجزائر قادرة لوحدها على إعمار غزة ولا يوجد أي مشكل في الأمر لكون بلادنا  كانت دائما إلى جانب أشقائنا الفلسطينيين والسباقة لمد يد العون لهم ونأمل أن تكون حاضرة بقوة خلال هذه  العملية والأصوات التي نسمعها هنا وهناك حول ضرورة تدخل الجزائر للإشراف على كل المساعدات التي تدخل لغزة وهذا بعد أن وضعت الحرب أوزارها فنقول لهؤلاء أنه ليس هناك أي مشكل وتستطيع القيام بذلك بكل سهولة، ولكن عند الرجوع للواقع فنجد شيئا آخر لكون المعبر الوحيد الذي من خلاله يمكن إدخال المساعدات الإنسانية هو معبر رفح فقط أي من الجهة المصرية وهذا كله يتم تحت موافقتهم، أما من جهة الأردن وسوريا ولبنان فلا يمكن ذلك وكذلك بالنسبة للبحر الذي يوجد تحت سيطرة الكيان الصهيوني، ونحن في جمعية البركة لن نتورط في أي تنسيق مع الكيان المجرم تجسيدا لمبادئ الجزائر شعبا ودولة.

 

أبناء البركة تعمدوا رفع العلم الجزائري طيلة أيام الحرب والرسالة من وراء ذلك واضحة..

وأضاف المسؤول على جمعية البركة، أن أبناء البركة تعمدوا أن يبقى العلم الجزائري مرفوعا طيلة أيام الحرب باعتباره يعد نموذجا للتحرير فيعد 130 سنة من الظلم والاضطهاد تحقق النصر، والهدف من ذلك كله هو زرع الثقة بين الناس الذين كانوا يعانون من ويلات  الحرب، كما أنه رسالة أمل للشعب الفلسطيني فهو يرمز لمرحلة عز وفخر ونحن حاليا من  خلال الدولة الجزائرية الكل انصهر في هذه الحرب بداية من تصريحات الرئيس والدبلوماسيين وكذا المجتمع المدني والجمعيات، إضافة إلى الأحزاب السياسية والعمال والمواطنين البسطاء كما لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي لعبته جاليتنا في المهجر بحكم سهولة تحويل الأموال وبالتالي نأمل أن تكون بلادنا حاضرة بقوة في عملية الإعمار التي تتطلب تظافر جهود الجميع دون استثناء. وفي ختام حديثه طمأن الإبراهيمي، إلى أن المخازن الرئيسية لجمعية البركة في الشمال والجنوب لم يمسسهم أي شيء وهما ممتلئين عن أخرهما، حيث تم تجهيزهم قبل نهاية الحرب بشهر وهذا لكون هناك ملامح لصفقة إنهائها، وكذلك نفس الشيء قبل الحرب، حيث وبعد وصول مؤشرات بوقوعها كانت المخازن مجهزة عن آخرها وهذا قصد تقديم المساعدات فرغم صعوبة المهمة، إلا أن أعضاء الجمعية ساهموا في مد يد العون لأشقائنا هناك وأدوا واجبهم.

محمد بوسلامة / إيمان عبروس / زهير حطاب / نادية حدار