مبدأ عظيم من مبادئ الإسلام التي يجسدها في أبناءه، والذي ينبع من منطق الإنسانية والرحمة والتكافل والتعاون، فكل هذه المعاني الراقية موجودة في الإنسان بفطرته السليمة، ومغروسة في المسلم بتمسكه بدينه وتعاليمه. وفعل الخير لا يقتصر على أداء الطاعات والفرائض، فهذه من الخيرات التي هي من حق الله، ولكن هناك خير من حق العباد، فمن حق الناس الذين يعيش معهم الإنسان ويتبادل معهم أسباب الحياة؛ والدال على الخير كفاعله هو حديث في هذا السياق إذ يشمل الخير من الطاعات والخير من المعاملات مع الناس بعضهم ببعض. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الترمذي عن أنس بن مالك: “أتى النبي عليه السلام رجل يستحمله فلم يجد عنده ما يتحمله فدله على آخر فحمله فأتى النبي عليه السلام فأخبره، فقال إن الدال على الخير كفاعله”.
وروى ابن حيان في صحيحه عن أبي مسعود أنه قال: أتي رجل النبي عليه السلام فسأله فقال: ما عندي ما أعطيك، ولكن ائت فلانا، فأتى الرجل فأعطاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من دل على خير فله أجر فاعله أو عامله”. وهنا تكمن عظمة الإسلام في تشجيع المسلمين على هذه المبادئ الراقية، بأن جعل لمن يدل على الخير أجر كأجر من قام بهذا الخير، وهكذا يكون التعاون بين الناس حيث قدر لكل فرد قدر من المال، وقدر من العلم، وقدر من الصحة، وهو يسير في حياته وفقًا لما قدره الله له، ويقدم المساعدة والمعونة لغيره بالقدر الذي يستطيع، فإذا كان قد طلب منه معونة أو مساعدة في شيء لا يملكه، فليستخدم ما يملكه للتوصل لشخصٍ يملك المساعدة، ولا يقتصر هذا الخير على طلب المال فقط، بل في مجالات الحياة الكثيرة.