يكفي ولاية الجلفة أن الطبيعة وحدها وهبتها جميع العوامل التي تجعلها منطقة سياحية بكل ما تتطلبه من مواصفات، ومن حقها أن تفتخر وتتباهى بما تكتنزه من مواقع سياحية تؤهلها لتصنّف من بين أحسن الولايات الجنوبية على المستوى الوطني.
تتمتع ولاية الجلفة بالعديد من المقومات السياحية ذات المناظر الخلابّة التي تتميز بسحر جمالها الآسر، ما جعلها تصنف ضمن المدن ذات المناظر الجميلة والهواء النقي، مناظر مكنتها من جلب عشاق الطبيعة الباحثين عن متعة المنظر ونقاء الهواء، بعيدا عن ضغط المدينة وازدحامها، حيث تعانق حدائق الجلفة صخورها الصلبة في تشكيلة رائعة وهي تمد للسائح بساطها.
ونظرا لما تتمتع به ولاية الجلفة من أماكن طبيعية وخلابة فقد أضحت بحق تستحق الزيارة والمشاهدة لتكون بذلك مركز جذب سياحي يحوي عدّة مواقع ساحرة تخلد في ذهن السائح طويلا، حيث تتمازج الجبال الصخرية بالطبيعة الغراء.
الحمامات للاستحمام والتبرك
تزخر ولاية الجلفة بالعديد من الحمامات المعدنية ما أهلها لصدارة السياحة الحموية التي تزدهر خلال فصل الشتاء، حيث تقصد العديد من العائلات من مختلف ولايات الوطن خلال موسم الشتاء ولاية الجلفة، قصد التمتع بمياه حماماتها الطبيعية وسواء بغرض العلاج من الحالات المرضية أو للمتعة والترفيه نظرا لميزتها السياحية والثراء الإيكولوجي والبعد الترفيهي لها، إضافة إلى ما توفره من منافع صحية جمّة تبعا لقدرة مياهها على علاج قاصديها من عدة أمراض، على نحو صارت معه هذه “السياحة الحموية” قبلة مفضلة للباحثين عن العلاج والاستجمام..
حمام “الشارف”… مركز حموي ومقصد سياحي
يعود تاريخ إنجاز حمام الشارف الشهير إلى القرن التاسع عشر، وعرف أول تهيئة له سنة 1929 إثر بناء حمامين اثنين، ويقع على بعد 7 كيلومترات شرق مقر بلدية الشارف وعلى بعد 50 كلم غرب مقر الولاية و300 كيلومتر جنوب العاصمة، ويتواجد هذا المنبع الحموي على منعرجات ومشاهد خضراء، إذ يرتفع هذا الحمام عن سطح البحر بـ1150 متر، زيادة على المناخ الذي يميز المنطقة ويخفف من درجة الحرارة صيفا ويمنح الدفء شتاء.
بلدية الشارف.. هذه المنطقة الصغيرة والهادئة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، والحاملة بين طياتها العديد من الأسرار والأساطير، باتت قبلة تستقطب كثيرا من العائلات من مختلف ولايات الوطن حتى أصبحت المفضلة لدى الكثير من الباحثين عن الراحة والمتعة بين حماماتها المعدنية ومناظرها الطبيعية الخلابة للتنزه والترويح عن النفس، ناهيك عن السياح الذين يقصدونها من كل صوب وحدب، بحكم أن “حمام الشارف” -بحسب دراسات -يتمتع بعدة خصوصيات فيزيائية وكيمائية وعلاجية تتمثل في حرارة الخروج 40 درجة مئوية وبتدفق قدره 40 لترا في الثانية، فضلا عن معالجته لأمراض الروماتيزم والأعصاب والجلد والغشاوة وكذا أمراض المفاصل، ويُستغل هذا المنبع تقليديا، بينما تحاول الدوائر الرسمية أن تحسن عملية استغلاله وجعله أقرب إلى الحداثة.
“حمام الصالحين”… آفاق مستقبلية لسياحة واعدة
غير بعيد عن حمام الشارف، تجد “حمام الصالحين” الذي يعود تاريخ اكتشافه إلى القرن السابع عشر، وهو يتوفر على مياه حموية حارة وعلى مدار السنة، وبحسب مخابر باستور، فإن هذه المياه تعالج عدة أمراض من بينها أمراض الكبد والجلد وكذا الروماتيزم.
كما يعتبر هو الآخر قطبا سياحيا بامتياز، وهو مقوم أساسي للسياحة في المنطقة، حيث يدعم الاقتصاد المحلي ولو بالشيء القليل كونه يكتسب أهمية من حيث تميز مياهه بخاصية ربما لا تتميز بها كامل الحمامات ألا وهي حرارة مياهه النابعة من جوف الأرض التي تجعل من هذا المركب والمقصد السياحي الأكثر نجاعة واستقطابا للزوار واستثمارا للولاية في مجال السياحة التي تعتبر مصدرا لخلق الثروة وامتصاص البطالة نظرا لما تكتسيه من أهمية، فهي على غير الأقطاب السياحية الأخرى، المياه الموسمية تنشط على مدار السنة.
“سد الخريزة” سحر للعيون وملهم للقلوب
تظل المناظر الخلابة تأسرك وأنت على طريق الجهة الغربية لبلدية الشارف، ومنذ أن تشد الرحال متجها لمنطقة “سد الخريزة”، الذي يعتبر أكبر سد بالولاية لما يتمتع به من مساحة كبيرة ومناظر خلابة، وهو ما جعل السياح يحجون إليه من أجل أخذ صور تذكارية، خاصة مع وجود الطيور المهاجرة التي تمنح للصورة جمالا إضافيا، كما يقصده هواة الصيد لاصطياد أسماكه المتنوعة.
“شلال عمورة” لوحة فنية تسر الناظرين
في لوحة بانورامية وزخرفة فنية من إبداع الخالق، تجد “شلال عمورة” التابعة لبلدية فيض البطمة، يمكن لك الاستمتاع بمناظره الطبيعية الفاتنة التي تزداد كلما زاد اقترابك من موقع الشلال الذي تتجلى فيه رهبة الخالق، ففي سريان واديه عبر السفوح والصخور الملساء تشكيل للوحة طبيعية غاية في الجمال، مجرى سريان الماء يشكل شلالات مختلفة يصب بعضها في برك مائية مشكلة مسابح طبيعية بين الصخور والأشجار والطبيعة الخضراء، كما يشكل الطريق إلى “شلال” رغم صعوبة منعرجاته ومنحدراته، مكانا آخر للالتقاط الصور التذكارية، حيث يلتقي هناك الزائرون من مختلف أنحاء الوطن وحتى من خارجه.
حدائق الحيوانات ومحميات طبيعية تأسر الزوار وتسحر الأفئدة
تتمتع ولاية الجلفة بالكثير من المحميات الغابية والمرافق السياحية العائلية، إضافة إلى حدائق الحيوانات التي تشرف عليها محافظة الغابات، التي من شأنها إبراز عرض أهم الحيوانات وأندرها، كما تقف بالمنطقة جبال حجر الملح شامخة في صمود أزلي قاوم الزمن والطبيعة وحافظ على روعة منظره التي تأسر أعين الناظرين.
منابع مائية زينت الطبيعة وجلبت الزوار
تزخر ولاية الجلفة بالكثير من المنابع المائية التي أضافت للطبيعة سحرا وجمالا.
المنبع الحموي للمصران
يوجد منبع المصران بالقرب من الطريق الوطني رقم 01 على بعد 08 كم جنوب مقر بلدية حاسي بحبح، ويرتفع هذا المنبع حموي بنحو 850 متر على سطح البحر، ويقول باحثون إنّ المياه المعدنية التي تتدفق من هذا المنبع بمقدار 10 لترات في الثانية، وبحرارة خروج 52 درجة مئوية، ويؤكد الخبراء أن هذه المياه من شأنها معالجة عدّة أمراض مختلفة.
المنبع الحموي لقطارة
يقع هذا المنبع في بلدية قطارة التي تبعد بـ 170 كم إلى الجنوب الشرقي من مقر ولاية الجلفة وإلى الشمال الشرقي من مقر القرارة بولاية غرداية وعلى ارتفاع 387 م، كما يتميز هذا المنبع بخصوصيات معدنية استنادا إلى دراسة المؤسسة الوطنية للدراسات السياحية.
محمية الصيد
تحتوي محمية الصيد على غابة طبيعية ومساحة لإعادة التشجير، ولها من أهمية بالغة في حماية وتنمية الأصناف الحيوانية المحمية، ومتابعة وحماية حيوانات الصيد، إقامة جرد للثروة الحيوانية للمحمية، البحث والتجربة على الحيوانات المفترسة، تمكن زائرها من قضاء وقت ممتع ومريح والتعرف على حيوانات نادرة.
غابة “سن الباء” قبلة الزوار الأولى
تبعد “غابة سن الباء” عن مدينة الجلفة بخمسة كيلومترات، والتي تقع قرب أهم جبال أولاد نايل “الأطلس الصحراوي”، وتعد غابة “سن الباء” موقعا سياحيا بامتياز، حيث تجلب الكثير من السياح الباحثين عن متعة أنظارهم وراحة نفوسهم، كما تعد مكانا للترفيه تقصده الكثير من العائلات الجلفاوية خلال عطل نهاية الأسبوع، واستحقت بذلك هذه الغابة التي تتربع على مساحة إجمالية مقدرة بـ 19.800 هكتار خلال فترة من الزمن أن تكون قبلة العائلات ومقصدا هاما للزوار والمواطنين.
غابة النخيل بين “القاهرة” و “دمّد”
تشتهر دائرة مسعد بحدائقها الخلابة ذات الثلاثة طوابق: نخيل، مشمش، تين ورمان وغيرها من الخضر والفواكه.
وتقع غابة النخيل لمسعد بمحاذاة وادي مسعد المتواجد بالوديان المغلقة بسلسلة الأطلس الصحراوي التي تشكل حاجزا، يحتوي على سلسلة من الجبال ذات علو متوسط نوعا ما ما يجعل مدينة مسعد منطقة عبور إلى الحافة المتواجدة في الجنوب منها، وفي شرق مسعد توجد قرية “دمّد” التي تتميز أيضا بحدائقها الجميلة المثمرة وفي أعلى الرابية توجد آثار القرية الرومانية القديمة.
وبعد دمّد هناك قرية “القاهرة” حيث توجد زاوية كبيرة منها نتسلق ممر “إيفري” الذي يعتبر بحق بوابة الصحراء، وفيه نكتشف أول ضاية تحتضن هضبة صخرية وطست تغمره مياه الأمطار جارّة معها التربة الخصبة. ومع حلول كل صيف تنبت الأعشاب وتخضّر الضاية فجأة لتعطي للمكان منظرا جميلا ومتباينا.
“زكار”… المدينة البربرية الشاهدة على تاريخ المنطقة
زكار المدينة البربرية، تلتقي شوارعها عند مسجد بوسط القرية، تشهد بناياتها على مرور الأمير عبد القادر والجيوش الفرنسية، وبمقربة من البلدة توجد أول محطة أثرية لعصور ما قبل التاريخ اكتشفت في المنطقة، تحت أحد الملاجئ الطبيعية، تضم زكار تنوعا كبيرا من فن الرسم على الصخر يتنوع بين رسم فيل والجاموس العتيق والكركدن ورسومات أخرى للحيوانات المنقرضة.
وجنوب شرق بلدية زكار على بعد حوالي 02 كم نجد “دير الدقاورين” الموقع المكتشف سنة 1907 من القاضي “ماون” وهو مصنف كتراث وطني منذ 1982 والمتكون من:
أ- مخبأ صخري يعرض لوحة فنية رائعة لمشهد صيد متحرك يبرز الحركة الآنية الواقعية للعلاقة الطردية الطبيعية بين نوعين من الحيوانات: الأسد والضبي، بالإضافة لمجموعة من الحيوانات: النعامة، الفيلة الأربعة، أروية، حيوان بقري…
ب- جدارية وحيد القرن بالمنظور الجانبي
ج- جدارية المرأة
الإنسان الأول سكن الجلفة وترك بصمته
يعود تاريخ ولاية الجلفة إلى العصر الحجري القديم، الفترة الطبيعية، حيث كان الإنسان يسكن في العراء والكهوف والمغارات المحصورة بين 12000 إلى 8000 سنة قبل الميلاد، وهذا استنادا للمواقع الأثرية للفن الصخري برصيد 37 موقعا أثريا. هذا، وتتسم المواقع الأثرية والتاريخية في الجلفة بكثرة التنوع، احتل الصدارة فيها فن الرسم على الصخور والمتمركزة في كل من الجلفة، سيدي مخلوف ومسعد.
عين الناقة… جداريات تاريخية تشهد على حياة الإنسان الأول
يقع الموقع جنوب شرق مقر الولاية على بعد 33 كم جنوب شرق بلدية المجبارة والمكتشف سنة 1965 من السيد “لوتيلو”، وهو مصنف كتراث وطني منذ عام 1979 المكون من 05 جداريات تعرض زوجي الجاموس العتيق، العاشقين الخجولين، صياد يحمل فأسا مرفقا بثلاثة كلاب، ثلاثة أشخاص برؤوس مستديرة، شخص رافع يده، حمل ذو القرص المستدير… الخ
وبالتقدم قليلا من “عين الناقة” نحو “بوسكين” ومن هناك عبر الممر الكبير نحو “صافية بورنان”، نجد نقوشا لحيوانات متوحشة وأليفة في ذلك الزمن بحوالي 4000 سنة قبل الميلاد حيث كانت تعيش هناك عدّة أنواع من حيوانات إفريقيا شبه الصحراوية.
موقع حجرة سيدي بوبكر.. نظرة تاريخية من مواقع طبيعية
يقع الموقع جنوب غرب مقر الولاية على بعد 38 كم شمال غرب بلدية عين الإبل والمعروف بتسمية المزار المكتشف سنة 1956 من الأب “دوفيلاري” والسيد “برافيل”، وهو مصنف كتراث وطني منذ عام 1982، عبارة عن جدارية صخرية كبيرة على شكل فطر مغطاة بالنقوش الصخرية على واجهاتها الأربعة: حمل ذو القرص المستدير، شخص ذو رأس مستديرة يلبس سترة، فيل، كبش جميل بكريات، أحصنة، كلاب، نعامة، نقوش لستين يدا، أشكال مستطيلة، وهناك أيضا آثار مجوفة لأيادٍ تبدو حديثة.
موقع خنق الهلال
يقع الموقع جنوب غرب مقر الولاية على بعد 38 كم، شمال غرب بلدية عين الإبل على بعد حوالي 21 كم والمعروف بتسمية “خنيق قيلان” المكتشف سنة 1966 من الأب “دوفيلاري” والسيد “برافيل” وهو مصنف كتراث وطني 1982، عبارة عن جدارية صخرية عمودية كبيرة تحمل نقوشا لمجموعة من الحيوانات: الجاموس العتيق، حمل ذو قرص مستدير يحمل عقدا على رقبته، أسد كبير الحجم وفيل..
موقع المعالم الجنائزية كاف الدشرة
المعروف ببنيان الجهلاء على بعد 07 كم شمال غرب عاصمة الولاية، توجد بها بقايا عدة قبور يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام، وهي عبارة عن كومات من الحجر دائرية الشكل ومتواجدة في عدة أماكن من المنطقة، بعض القبور هنا تعتليها قبب من نوع الدولمان يعتقد الباحثون أنها لمجموعة من السرد جاءت إلى المغرب نحو ألف سنة قبل الميلاد – معظم القبور قد انتهكت- وفي الجانب الغربي من الرابية توجد أثار لقرية بربرية محصنة، وللعلم أن الموقع اكتشف سنة 1884 من فرقة عسكرية تابعة للجيش العسكري عن طريق الصدفة، ويحتوي على 35 معلما جنائزيا موزعة على: 27 دولمانا و05 فضاءات جنائزية وجثوة ذات صندوق وجثوتين بسيطتين.
موقع المعالم الجنائزية عين لوكاريف
المعروف ببنيان الجهلاء على بعد 09 كم شمال غرب عاصمة الولاية، على بعد 02 كم غرب الطريق الوطني رقم 01، وعلى ارتفاع 19 مترا، اكتشف سنة 1884 من فرقة عسكرية تابعة للجيش العسكري إثر توغلها، على مسافة تقدر بـ 60000 م2 موجه نحو الطاحونة العسكرية القديمة، ويحتوي الموقع على 22 معلما جنائزيا موزعة كالآتي: بازينة و11 جثوة ذات صندوق و03 جثوات ذات فوهة و06 فضاءات جنائزية وجثوة بسيطة.