من مكتبة السنة.. مشروعية صلاة الاستسقاء

من مكتبة السنة.. مشروعية صلاة الاستسقاء

 

إن الاستغاثة بالله تعالى، وطلب السقيا منه هي من دعوات الاضطرار؛ لأنه لا حياة للأحياء بلا ماء، ففي عدمه هلاكهم، وفي نقصه عطشهم وقذرهم، وموت زرعهم، ونفوق نعمهم، وتلف أموالهم، فتكون حالهم مع قلة الماء حال المكروب المضطر؛ ولذا اشتهر الاستسقاء في كل الأمم، وعرفه أكثر البشر؛ لما يرون من أثره في نزول المطر، وقد نقل الاستسقاء عن الوثنيين بشتى مللهم. وكان المشركون يستسقون في جاهليتهم، وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم وهم لم يؤمنوا به. وكان البشر على مر التاريخ إذا خرجوا للاستسقاء لا يرجعون من محل استسقائهم إلا وهم ينتظرون المطر، ويوقنون بنزوله، فيعاملهم الرب جل في علاه معاملة المضطر الذي أصابه الضر، ويعطيهم على قدر إخلاصهم ويقينهم. وكان الناس إلى عهد قريب إذا أعلن عن صلاة الاستسقاء أخذتهم رعدة الخشوع، وزاد إيمانهم بالله تعالى، وعظمت رغبتهم فيه، وخرجوا للصلاة منكسرين خاضعين بقلوب مضطرة مفتقرة إلى الله تعالى، راجية ما عنده، طامعة في كرمه، فلا يعودون من مصلاهم إلا وهم موقنون أن الغيث يسبقهم إلى مزارعهم ودورهم!!  فما أحوجنا ونحن نستسقي أن نجأر إلى ربنا سبحانه مضطرين مفتقرين ملحين منكسرين، نستحضر عجزنا وضعفنا وقلة حيلتنا، مع استحضارنا لعظمة ربنا وقدرته ورحمته وكرمه؛ فإننا إن فعلنا ذلك أفاض علينا رحمته، وأغدق علينا رزقه، وكشف ضرنا، فأمطرت سماؤنا، وأنبتت أرضنا، وبورك لنا في زرعنا وضرعنا ورزقنا.