“مواعظ مستغانمي أبلغ من بعض الدعاة”

“مواعظ مستغانمي أبلغ من بعض الدعاة”

قالت الكاتبة السودانية، منى أبو زيد:”استوقفتني ـ ولن أقول استفزتني ـ ردود أفعال بعض القراء بشأن تقرير صحفي عن باقة مواعظ دينية قدمتها الروائية الجزائرية “أحلام مستغانمي” إلى بنات جنسها عبر صفحتها على موقع الفايسبوك، إذ لم تخل الصياغة الخبرية من لمحة استنكار خفية، وقد أنكر بعضهم على كاتبة روايات ـ لا تلبس الحجاب ـ أن تكتب بروح دعوية، وأن تنصح بنات جنسها باختيار الرجل الصالح على طريقة المأثور السائد في

أمهات الكتب، فالذين يظنون أنفسهم ورثة الأنبياء على الأرض كثر..!”.

وأضافت منى أن “مثل هذه الروح الاستعلائية – التي تتقمص المتلقي عند تقييم البعد الديني في سلوك الآخر- هي أولى لبنات البيئة النفسية التي ينمو فيها التطرف الديني المفضي إلى الإرهاب، فالإرهاب في مجمله غرور ديني، يبدأ بثقافة إنكار التدين على الآخر ـ كما في حكاية مواقف البعض من مواعظ مستغانمي ـ إلى أن ينتهي بإزهاق أرواح الأبرياء باسم الدين..”.

وقالت منى أبو زيد: “إن الإرهاب في مجتمعاتنا المسلمة كان في الأصل ثقافة سائدة قبل أن يتفاقم إلى سلوك، وأذكر أنني حاولت ـ مرة ـ أن أجتهد في تعريف الإرهاب، فخرجت بالجملة المختصرة التالية (هو سلوك ينتجه مزيج من الشعور بالاستعلاء والشعور بالدونية)، وأول ما يؤمن به المتطرف هو أن الذين يشارك في قتلهم يضطهدونه فكريا أو دينيا أو عرقيا أو اقتصاديا.. إلخ وهو يشعر نحوهم باستعلاء ديني.. فكري.. ثقافي.. مفرط، يدفعه إلى أن يختار التغيير عن طريق التصفية عوضا عن الحوار”.

وأردفت الكاتبة أن “الخطاب الديني في العالم الإسلامي يحتاج إلى “تحرير” بالحذف والإضافة، والتغيير في مواضع التخصيص والتعميم، تغيير نظرة الآخر إلينا تبدأ بتغيير نظرتنا إلى أنفسنا فـ “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، وتغيير نظرتنا إليهم، ثم العمل ـ بعد ذلك ـ على تغيير نظرتهم إلينا”.

وواصلت منى حديثها بالقول “مع أن الله الذي لا إله غيره قد سمى اليهود والنصارى في قرآنه ومعجزة رسوله الكريم “أهل الكتاب” مطلقاً، وعلى الرغم من أن أول عهد إسلامي وصف فيه من كانوا تحت جناح الحكم الإسلامي بأهل الذمة هو عهد النبوة، إلا أن المتحسس لقماشة المجتمعات المسلمة التي خرج منها التطرف يلحظ انتشار الكثير من المفاهيم الدينية المغلوطة عن الإسلام قبل الأديان الأخرى، فمعظم المتشددين ـ في تلك المجتمعات ـ لا يفرقون في نظرتهم أو حديثهم بين المسيحي واليهودي والكافر، فكل من لا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هو كافر، والأهم من ذلك أن معظم المتعصبين لا يفرقون بين اليهودية والصهيونية..”.

وشددت الكاتبة على أنه “لتحرير الخطاب الديني من سطوة الاستعلاء الثقافي، لا بد من رفع شعار “هناك فرق” في وجه الكثير من المسلّمات الخاطئة.. مثلا هناك فرق بين وجود اليهود في فلسطين ووجود إسرائيل كدولة، وكصيغة سياسية غير مقبولة، وكمنهج فكري يلعب على أوتار المعتقدات الدينية المسيحية الغربية التي تؤمن بعودة المسيح المسبوقة بعودة اليهود إلى فلسطين”، مؤكدة أن “هذه هي اللبنة الفكرية الأولى لتفكيك المعتقدات المسيحية الغربية بشأن الإسلام.. ثم بشأن إسرائيل التي تندد أحلام مستغانمي بجرائمها في فلسطين، أكثر وأفضل مما يفعل بعض الدعاة وأئمة المساجد”.