دخلت ليبيا على ما يبدو مرحلة جديدة من الصراع الدولي بين روسيا والغرب، خاصة بعد وصول سفن حربية روسية إلى المياه الإقليمية الليبية، وسط توقعات بسعى موسكو إلى إقامة قاعدة عسكرية في ليبيا، فضلا عن إنزال إيطاليا وحدات عسكرية في العاصمة طرابلس بدعوى حماية سفارتها، إضافة إلى وجود ألف جندي أمريكي.وكانت زيارة القائد العسكري الليبي خليفة حفتر لحاملة طائرات روسية بمثابة دفعة رمزية له وفي الوقت
نفسه أظهرت اهتمام موسكو بالقيام بدور أكبر في المنطقة في أعقاب تدخلها في سوريا.
ويمثل حفتر شخصية قيادية لفصائل شرق ليبيا وله طموحات وطنية ويأتي تجديد الصلة بينه وبين روسيا في وقت تمر فيه الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس والتي تحاشى حفتر التعامل معها، بأزمة جديدة. . وبالمقابل تقول الدول الغربية إن حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة تمثل أفضل فرصة لوقف انزلاق ليبيا إلى الفوضى والحرب.غير أنه في الوقت الذي أضعفت فيه الانقسامات والمقاومة حكومة الوفاق في العاصمة اكتسب حفتر زخما في الشرق حيث يحظى بدعم حلفاء من الخارج يدعمون حربه على الجماعات المسلحة.وكانت زيارته للحاملة أدميرال كوزنتسوف في البحر المتوسط أوضح استعراض لدعمه من جانب روسيا حتى الآن.ونشرت وسائل الإعلام الروسية تقارير عن محادثاته عبر مؤتمر بالفيديو من حاملة الطائرات مع وزير الدفاع سيرغي شويغو التي بحث الاثنان فيها الحرب على “الجماعات الإرهابية” وهو أحد أهداف موسكو المعلنة لحملتها في سوريا.وامتنع مستشارو حفتر عن التعليق على زيارة حاملة الطائرات ومغزاها بالنسبة للعلاقات مع روسيا.غير أن أليكسي ملاشينكو كبير الباحثين في معهد حوار الحضارات الذي تربطه علاقات وثيقة بالقيادة الروسية قال إن روسيا ترى بعد تدخلها في سوريا أن ليبيا تمثل وسيلة لتأكيد عودتها إلى الشرق الأوسط.وقال ملاشينكو “سوريا وحدها لا تكفي. ولهذا نحتاج إلى دولة أخرى للوجود الروسي لا في سوريا وحدها بل عموما في الشرق الأوسط. وليبيا أرض ملائمة لذلك. فهي في حالة فوضى شاملة وبوسعك أن تقول دائما إن روسيا تساعد في محاربة الإرهاب.”ويقول محللون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما يهتم أيضا باستعادة نفوذ بلاده في ليبيا. فقد كان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي حليفا قديما للروس وعارض بوتين الحملة التي شنها حلف شمال الأطلسي للمساعدة في الإطاحة به.ولم تستعمل روسيا حقها في استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للاعتراض على القرار الذي تضمن تفويضا بالعمل العسكري وجازف بوتين الذي لم يكن يتولى الرئاسة آنذاك بإظهار انقسام في صفوف القيادة الروسية بانتقاد القرار، يذكر انه بالأضافة إلى مشاركة فرنسا في القتال بمدينة بنغازي (شرق)، ومشاركة الطيران الأمريكي، إلى جانب “كتائب مصراته” (موالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة)، في قصف تنظيم داعش بمدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، تواتر ت أخبار عن تواجد قوات خاصة بريطانية وإيطالية في مناطق غربي ووسط ليبيا.ولم تخف روما امتعاضها من تقارير إعلامية ليبية عن توقيع الجنرال الليبي خليفة حفتر، قائد القوات التابعة لمجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، اتفاقا مع موسكو بشأن تنفيذ اتفاقية صفقة سلاح كان العقيد الراحل،عقدها مع موسكو في 2008، مقابل السماح للسفن التابعة لسلاح البحرية الروسي باستخدام ميناء بنغازي.، وقال وزير الخارجية الإيطالي، إنجيلينو ألفانو، إن “الاتفاقيات المحتملة بين الجنرال حفتر وروسيا، والتقدم الروسي في الساحة الليبية بعد سوريا، يدفعنا إلى مزيد من العمل ليكون لنا دور قيادي في المشهد الليبي، حتى من خلال الحوار مع حفتر”، الحكومة المؤقتة تحدثت أيضا، الخميس الماضي، عن “نزول وحدات من القوات الإيطالية في طرابلس”، فضلا عن “معلومات تفيد بوجود أكثر من ألف جندي أمريكي دخلوا (ليبيا) خلسة، ومتمركزين في إحدى ضواحي العاصمة”.كما توجد، وفق وسائل إعلام ليبية، وحدات عسكرية إيطالية في محافظة الجفرة (وسط)، والتي سبق وأن قصف طيران حفتر، مرارا، قاعدتها الجوية الخاضعة لسيطرة “كتائب مصراته”.