كان قانون الأسرة المعمول به منذ 1984 طيلة 20 عاما محل انتقاد الجمعيات النسائية، حتى تبنت الحكومة الجزائرية في 2007، اقتراح وزير العدل السابق ورئيس المجلس الدستوري الحالي الطيب بلعيز، لإدخال تغييرات جوهرية عليه، هي عبارة عن تعديلات كثيرة اقترحتها لجنة خاصة كلفت بإعادة النظر في مضمون هذا القانون المستمد من مبادئ الشريعة الإسلامية والعرف الجزائري.
وقد عرف قانون الأسرة الجديد من جهة ترحيبا من طرف المرأة، علاوة على أنه يخدم صالحها خاصة فيما يتعلق بأحكام النفقة والسكن، إلا أن البعض منهن انتهزن هذه القوانين الجديدة وحولنها إلى أوراق رابحة، ومن جهة أخرى عرفت هذه التغييرات رفض وسخط بعض الأطراف التي اعتبرت التعديلات بمثابة رضوخ لجمعيات نسائية متحررة وبعيدة كل البعد عن عادات ومعتقدات الشعب الجزائري، ومن بين أهم التعديلات التي أدخلتها اللجنة التي شكلها بلعيز المتكونة من 52 شخصا ضمت نوابا وقضاة ومحامين ورجال دين وعلماء اجتماع، الحق في السكن ودفع النفقة.
حقوق المرأة في قانون الأسرة سلاح ذو حدين
تحول منح حق السكن والنفقة للمرأة المطلقة إلى سلاح ذي حدين، تستعمله بعض الزوجات في الوصول إلى غاياتهن على حساب الأزواج، فهذه الحقوق التي منحت مؤخرا للمرأة، أمالت الكفة في الأسرة لصالح الزوجة على حساب الزوج، حتى أن البعض من الزوجات وقعن فريسة غرائزهن، ضاربات عرض الحائط حرمة الحياة الزوجية التي تحولت إلى مجرد حق في السكن والنفقة.
تواجهك حالات لا تصدقها عندما تدخل مجالس القضاء أو مصالح الأحوال الشخصية، قصص كثيرة ومضمونها يصب في معنى واحد حيث لجأت بعض الزوجات إلى إظهار نية الرجوع في مراحل دعوى الطلاق لكي يحافظن على حقوقهن كاملة على الرغم من استحالة اقتسامهن بيت الزوجية مع الأزواج، وذهبن إلى حد إعطاء الأولوية إلى الامتيازات التي تخول لهن في حال ما تشدد أزواجهن بطلب الطلاق، ما أدى ببعض الأزواج أيضا إلى طلب الرجوع خوفا من التكاليف الباهظة المنجرة عن الطلاق والتي قد تكلف الأزواج عشرات الملايين، فوقع بعض الأزواج بين تسلط الزوجة وبين تلك التكاليف الباهظة في حال مطالبتهن بتطليق الزوجة ومطالبتها هي بالرجوع على الرغم من استحالة استمرار الحياة الزوجية بين الطرفين وبقاء الأبناء كضحايا، فمكر بعض الزوجات أدى بهن إلى انتهاز الفرص لأجل الكسب من وراء الطلاق والابتعاد عن النوايا الحسنة في لم شمل الأسرة وإظهار النية السيئة في الرجوع طمعا في كسب حقوقهن كاملة دون نقصان.
جناح الأحوال الشخصية… أفلام واقعية مثيرة للمشاهدة
هي حكايات وأخرى يسردها جناح الأحوال الشخصية، اقتربنا من بعض المحاكم وبالضبط جناح الأحوال الشخصية للوقوف على بعض العينات الحية وعلى بعض المآسي التي يتخبط فيها البعض بعد أن ربطوا مصائرهم مع زوجات غابت ضمائرهن ولهثهن وراء المادة وشاركن في تهديم علاقة زوجية متينة دامت لسنوات بسبب نزوة عابرة أو سوء تفاهم بسيط، وما وقفنا عليه واستنتجناه خلال استطلاعنا أنه على الرغم من تباعد الطرفين وفتيل النار المشتعلة بينهما إلا أن في بعض الحالات نجد إما الزوج أو الزوجة تطالب بالرجوع كون أن المرأة تتخوف من فقدان وضياع حقوقها بعد مطالبتها بالطلاق، والزوج يخاف هو أيضا من العواقب الوخيمة المترتبة عن تشدده بالطلاق والفواتير الضخمة التي ستفرض عليه من طرف الزوجة.
ما سرده لنا بعض الأزواج الذين تذوقوا الأمرين بعد أن ربطوا مصائرهم مع فتيات بعيدات عن طموحهم منهم “سليمان” شاب في العقد الثالث ارتبط مع إحداهن، وبعد أن استحالت العشرة الزوجية دق أبواب المحاكم من أجل تطليقها إلا أنه رآها دوما تطالب بالرجوع على الرغم من أن نواياها الحقيقية هي بعيدة كل البعد عن ذلك بسبب تسلطها وجبروتها معه ومع أهله، وإنما تهدف بذلك إلى كسب حقوقها كاملة خصوصا في حال ما أبان هو نيته في الطلاق إلا أنه دحر مطامعها وذهب هو أيضا إلى المطالبة بالرجوع.
“فريد” هو الآخر يتخبط في نفس المعضلة إلا أن سبب الطلاق يختلف عن الأول، بحيث اكتشف خيانة زوجته خصوصا وأنه وصلته أخبار عن ربطها علاقة مع رجل آخر وهما في مرحلة الطلاق، والأغرب من ذلك أنها تطالب بالرجوع لاكتساب حقوقها كاملة، لكنه طالب بالطلاق، فما يفعله بجرثومة على حد قوله واغتاظ لارتباطه بها كونه أنجب منها بنتين وولد. نفس الحادثة وقفنا عليها في العاصمة، بحيث راح أحدهم يصرخ بسبب اصطدامه بموقف لا يحسد عليه، بحيث رأى زوجته وأم طفله التي باشر معها إجراءات الطلاق وهي تمسك رجلا آخرا، فما كان عليه إلا الخروج من السيارة والصراخ وترديد عبارة (كشفك ربي)، وكان يطلب من الشرطي إتاحته الفرصة من أجل جلب الدفتر العائلي من البيت كونها زوجته واقتيد الكل إلى مركز الأمن بساحة أول ماي.
قانون الأسرة الجديد نقمة على الرجال ونعمة على النساء
مما يؤكد في الأخير تورط الكثير من الزوجات في قضايا الخيانة الزوجية واختلاق المشاكل بالبيت لأجل الوصول إلى الطلاق، ومن بعد ذلك جعل الطلاق كصفقة للربح، وإظهار نوايا الرجوع للحصول على الحقوق كاملة غير منقوصة ليخيب ظن الزوج بزوجته في الأول وتشتت أسرته ويضرب في جيبه ضربة قوية، وعلى عدالتنا الوقوف على تلك الظواهر والمطامع التي صارت تحصيلا حاصلا والعمل على منح الحقوق لأصحابها خصوصا مع الآفات المتعددة والمتنوعة التي باتت تنخر مجتمعنا، بحيث صارت بعض الزوجات بطلات الخيانة الزوجية والعلاقات المحرمة التي أوصلتهن إلى حد تهديم كيان الأسرة وتشتيت الأطفال.