إن أعضاء جسم الإنسان سوف تشهد على أعماله يوم القيامة، قال الله تعالى: ” وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ” فصلت: 21 -23. قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله: ” وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ “؛ أي تقول لهم الأعضاء والجلود حين يلومونها على الشهادة عليهم: ما كنتم تتكتمون منا الذي كنتم تفعلونه؛ بل كنتم تجاهرون الله بالكفر والمعاصي، ولا تُبالون منه في زعمكم؛ لأنكم كنتم لا تعتقدون أنه يعلم جميع أفعالكم؛ ولهذا قال: ” وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ “؛ أي: هذا الظن الفاسد؛ وهو اعتقادكم أن الله لا يعلم كثيرًا مما تعملون هو الذي أتلفكم وأرداكم عند ربكم، ” فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ “؛ أي: في مواقف القيامة خسرتم أنفسكم وأهليكم”.
روى مسلم عن أنس بن مالك، قال: “كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: “هل تدرون ممَّ أضحك؟” قال قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: “من مخاطبة العبد ربه”، يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ قال يقول: “بلى”، قال فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال فيقول: “كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا”، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، قال فيقول: بعدًا لكن وسحقًا، فعنكن كنت أناضل” رواه مسلم.