من المفاهيم الخاطئة عند البعض أن علاقة المسلم بالكافر هي علاقة عنف وغلظة بإطلاق، وهو خلاف هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الكفار، فقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم آداباً وضوابط تقوم عليها العلاقة مع الكفار، وهي آداب وضوابط مبنية على البر والعدل وعدم الظلم، كما قال الله تعالى: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” الممتحنة:8. وقد قبِل النبي صلى الله عليه وسلم الهدايا من أكيدر دومة والمقوقس وملكُ أَيْلَةَ وغيرهم، وثبت ذلك بأحاديث صحيحة. قال النووي: “قال القاضي: و إنما قبِل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا كفار أهل الكتاب ممن كان على النصرانية، كالمقوقس وملوك الشام، فقبِل النبيُّ صلى الله عليه وسلم ممن طمع في إسلامه وتأليفه لمصلحةٍ يرجوها للمسلمين، وكافأ بعضهم، وردَّ هديةَ من لم يطمعْ في إسلامه ولم يكن في قَبولها مصلحة، لأن الهدية توجب المحبة والمودة. فالأصل في هَدْيه صلى الله عليه وسلم هو جواز قبول الهدية من الكافر، تأليفاً لقلبه، وترغيباً له في الإسلام، وقد بوَّب البخاري في صحيحه: “باب قبول الهدية من المشركين”.
موقف وحديث النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه لمَّا رأوا هدية أُكَيْدِرَ دُومة، وقوله لهم: “مَنَادِيلُ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِن هذا” فيه: بيان فَضلِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ رضِي الله عنه، وتَبشيرُه بأنَّه من أهل الجَنَّة. وفيه: الحث والترغيب في السعي والمسارعة إلى الجنة، وفيه: تحريم لبس الحرير على الرجال، وفيه كذلك: قَبولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الهدية مِن المشركين.
