يعيش المواطن الجزائري معاناة يومية مع مشكل النقل، وأضحى التنقل إلى مقر عمله هاجسا يؤرقه في بداية كل يوم، دون الحديث عن الوصول في الموعد الذي يُعد استثناء لدى الجزائريين، الذين يضطرون في بعض الأحيان أو غالبها إلى اللجوء لسيارات الأجرة، التي أصبحت هي الأخرى لا توفر الراحة المطلوبة للمواطن البسيط.
والحديث عن معاناة المواطن مع سيارة الأجرة يبدأ من ارتفاع التسعيرة التي لا لا تتناسب مطلقا مع ميزانية المواطن الذي يلجأ مضطرا إلى “الطاكسي”.
أسعار مبالغ فيها والزبون مجبر على الدفع
يجد الزبون نفسه مجبرا على دفع مبالغ تتراوح بين 700 و2000 دج نحو مسافات صغيرة ولا تستحق هذه الأسعار، وفي هذا الصدد، قالت لنا الآنسة خديجة في العقد الرابع إنها دفعت 700 دج من الشراقة إلى عين البنيان، أما نسيم المغترب في بلجيكا فقال إنه دفع 1200 دج من مطار هواري بومدين إلى باب الزوار، في حين اضطر فؤاد سليم إلى دفع 1000 دج لسيارة طاكسي أقلته من أولاد فايت إلى البريد المركزي، في حين دفع رمزي 2000 دج من أجل التنقل من ساحة موريس أودان إلى سيدي فرج، أما الأجانب فيدفعون أسعارا خيالية نظير تنقلهم لمسافات قصيرة، رغم أن جدول ضبط الأسعار الجديد المطبق في النقل الحضري للمسافرين وسيارات الأجرة منذ جانفي 2013، الذي نشرته وزارة النقل يحدد بوضوح الأسعار التي يتعين على أصحاب سيارات الأجرة التقيد بها.
“الطاكسيور” يرفض الوجهة والتسعيرة ويفرض قانونه على المواطن
عبر العديد ممن تحدثنا إليهم عن استيائهم من خدمات ”الطاكسي” ،خاصة وأن العديد من أصحاب سيارات الأجرة لا يحترمون زبائنهم ويرفضون العديد من الوجهات، بدعوى الإزدحام المروري واهتراء الطريق.
رغم أن المتعارف عليه عالميا أن الزبون يختار وجهته أثناء ركوبه لسيارة ”الطاكسي”، لكن في الجزائر، ”الطاكسيور” هو الذي يحدّد وجهة الزبون، وتسعيرة الرحلة في حال ما إذا كانت بالعدّاد أو الرحلة ”الكورسة” .
الوجهة محددة ومن أراد غيرها عليه بالإنتظار
يصطف العشرات من المواطنين في الموقف المتواجد أمام مستشفى مصطفى باشا في انتظار “الطاكسيور “الذي يقلهم إلى وجهتهم، إلا أن كل أصحاب السيارات كانوا لا يردّدون إلا كلمة واحدة ”الأبيار.. الأبيار”، ، أما بالنسبة للمتوجّهين إلى مناطق أخرى، فعليهم الإنتظار لساعات، لأن أصحاب ”الطاكسي” يرفضون الذهاب إلى المناطق التي تعاني من الإختناق المروري، خاصة بالنسبة للضاحية الغربية للعاصمة، كبلديات العاشور والدرارية والدويرة وبابا حسن، فبمجرّد حلول الخامسة مساءً تنقص وسائل المواصلات، ويجد العديد من المواطنين أنفسهم تحت رحمة أصحاب سيارات الطاكسي، الذين يتحوّلون في رمشة عين إلى ”كلونديستان”.
الأسعار المطبقة حسب جدول الوزارة
حسب جدول الوزارة المتعلق بالأسعار المطبقة بالنسبة لسيارات الأجرة، فيتعلق بـ 15 دج/كلم، أما استقالة السيارة شخصيا فيقدر بـ 20 دج، والتوقف للإنتظار (15د) بـ 20 دج، ونقل الأمتعة التي تفوق 15 كلغ بـ 10 دج.
وبخصوص سيارات الأجرة الجماعية، يحدد هذا الجدول السعر بـ 3 دج/كلم بالنسبة لما بين البلديات والولايات و5 دج/كلم بالنسبة للنقل الحضري.
الجزائري ينفق ما بين 2000 و3500 دينار على النقل شهريا
تشير الإحصائيات إلى أن متوسّط إنفاق الأسر الجزائرية على النقل، يتراوح ما بين 2000 دينار إلى 3500 دينار، مع متوسّط 3000 دينار كمعدّل شهري ، وتظلّ الحافلة، بالنظر لتواضع كلفتها، الوسيلة الأكثـر استخداما من قِبل الجزائريين، رغم المصاعب الكبيرة التي تواجه مستخدميها، سواء من حيث عدم احترام المقاييس أو تجاوز قدرة الاستيعاب.
في حين يبلغ متوسّط الإنفاق لدى الأسر المتواضعة في حدود 1200 دينار إلى 1500 دينار شهريا، علما بأن متوسّط تنقّل الفرد يوميا يقدّر بـ50 دينارا، مع ارتفاعه إلى حدود 100 دينار مع اعتماد الميترو والترامواي في بعض المحاور المحدودة من العاصمة. وتبقى حافلات النقل الحضري الوسيلة الأكثر استخداما، بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40 بالمائة، سواء تعلّق الأمر بالتنقّل وسط المدينة أو الضواحي، بينما تبقى خدمة ”الطاكسي” متواضعة، لغياب مقاييس الاحترافية.
سائقو سيارات الأجرة في وادٍ والقانون في وادٍ آخر
تفتقد الجزائر العاصمة إلى مخطّط شامل للنقل العمومي يسمح للمواطنين بالتنقّل دون متاعب، لكن هذه القوانين في واد و الواقع الذي يعيشه المواطن في واد آخر .
فالقانون الجزائري يمنع على سائقي السيارات رفض الوجهة التي يختارها الزبون إلا في حالة السفرية التي يكون مقصدها خارج حدود الولاية التي يعملون عبر إقليمها، كما يمنعهم القانون من رفض التكفّل بالأشخاص المعاقين وبعرباتهم القابلة للطيّ، كما أن هناك العديد من الشروط التي ينبغي أن تتوفّر في سيارة الأجرة، فهي مرتبطة بالصيانة الدائمة والنظافة، علاوة على سعة حمل الأمتعة في حدود 15 كيلوغراما عن كل مقعد، وحقيبة ملائمة للإسعافات الأولية ومطفأة الحريق صالحة للاستعمال ومثلّث للإشارة المسبقة وغلاف معتم يخصّص لتغطية الجهاز الضوئي عندما لا تكون السيارة في وضعية الخدمة.
كما ينبغي أن تلصق الأسعار المطبقة وجوبا داخل سيارات الأجرة، ويمنع كل إشهار آخر، مهما كان شكله داخل السيارات أو خارجها. كما اعتبر القانون كل سائق يرفض تقديم الخدمة، أو لا يعمل بالعداد مخالفا للقانون ، إضافة إلى سوء التصرّف إزاء الزبون كاستعمال جهاز الراديو والمسجّلة دون موافقة الزبون، كما يشترط على السائقين أن يستجيبوا لجميع طلبات مصالح الأمن، وأن يرتدوا لباسا نظيفا ومقبولا، ولا يمكن أن يشكّل أيّ خطر أو إعاقة في قيادة السيارة وعلى راحة الزبون، وأن ينقلوا الزبائن إلى مقصدهم، عبر المسلك الأقرب، إلا إذا أرشد هؤلاء إلى مسلك آخر، ويحترموا خطوط السير المقرّرة مسبقا عندما يتعلّق الأمر بسيارة الأجرة الجماعية.
وفي حال سوء التصرّف إزاء الزبون، فالعقوبة المسلّطة على سائق الأجرة تتمثّل في وضع السيارة في المحشر مدّة ثمانية أيام على الأكثـر، مع إمكانية رفع المدّة من 15 إلى 45 يوما بعد استشارة اللجنة التقنية لسيارات الأجرة، علاوة على السحب المؤقّت لدفتر المقاعد لمدة ثلاثة أشهر في حال ارتكاب المخالفة مجدّدا، والسحب النهائي للدفتر في حال إعادتها في غضون الأشهر الاثني عشرة التي تلي النطق بعقوبة السحب المؤقّت.
ويُلزم القانون باحترام قواعد الوقوف المطبّقة في المحطّات الحضرية ومساحات الوقوف بالنسبة للخدمات ما بين الولايات، وكذا على مستوى المطارات والموانئ ومحطّات الحافلات والقطارات وغيرها، وأن يظهروا بمظهر اللباقة والأدب في علاقاتهم بالزبائن، وأن يودّعوا الأمتعة، إن نسيها الزبائن في سياراتهم، خلال 24 ساعة في محافظة الشرطة أو فرقة الدرك الوطني الأقرب أو في مصلحة سيارات الأجرة.
لمياء بن دعاس