الأزمة الفرنسية تتعمق بسبب موجة العداء ضد الجزائر

وزير الخارجية الفرنسي يوبخ زميله في الداخلية ويدعوه لعدم إقحام نفسه في الشأن الدبلوماسي

وزير الخارجية الفرنسي يوبخ زميله في الداخلية ويدعوه لعدم إقحام نفسه في الشأن الدبلوماسي

بعد تجديد وزير الداخلية الفرنسية، برونو روتاريو، تصريحاته العدائية ضد الجزائر ومطالبته بإلغاء اتفاقية الهجرة الموقعة بين الجزائر وفرنسا سنة 1968، رد وزير الخارجية جون نوال بارو بشدة، مؤكدا أن السياسة الخارجية الفرنسية تقررها وزارة الخارجية، تحت سلطة رئاسة الجمهورية، وليس أي وزارة أخرى.

وطالب بارو خلال ظهوره على قناة “بي أف إم تي في” من زميله في وزارة الداخلية، بأن لا يتدخل فيما لا يعنيه، وأضاف أن إلغاء الاتفاقية أو تعديلها، ليس “وصفة سحرية” لحل الأزمة، مشيرًا إلى أنه لو كان الأمر كذلك لكانت فرنسا قد اتخذت هذا القرار منذ فترة طويلة. وأكد أن التعامل مع مثل هذه القضايا يتطلب نهجًا دبلوماسيا مدروسا وليس قرارات متسرعة. ويرى متابعون، أن رد فعل وزير الخارجية جون نوال بارو بتلك اللهجة، يؤكد الانشقاق الحاصل في الحكومة الفرنسية، وأن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي وضعت اليمين المتطرف كقوة سياسية على حساب حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، قد تدمر فرنسا من الداخل، خاصة مع تراجع تأثير ماكرون وانسحابه أمام “تغوّل” اليمين المتطرف، وتصريحات ممثليه العدوانية اتجاه الجزائر والأفارقة، والغريب أنّ ماكرون نفسه انخرط فيها، وهو ما يعكس التخبط الكبير الذي تعيشه السياسة الفرنسية سواءً داخليا أو خارجيا. ولهذا فإن وزير الخارجية يحاول استرداد الصلاحيات الكاملة التي تنازل عنها ماكرون بهدف كسب تأييد اليمين المتطرف، فساكن الإليزي لم يعد يهمه في هذه الفترة إلّا إكمال فترته الرئاسية، بدل الخروج “مذلولا” وسط الطريق. من جهة أخرى، يرى متابعون أن جون نوال بارو يسعى إلى التهدئة مع الجزائر، خاصة مع ارتفاع الأصوات المعارضة، آخرها رئيس الوزراء الأسبق دومينيك دوفيلبان، الذي اعتبر ما يحدث انحدارا خطيرا في مستوى الديبلوماسية الفرنسية، كما أنّ فرنسا في هذا الوقت بحاجة إلى التهدئة ومراجعة سياستها الخارجية التي جعلتها تخسر كل الدول الإفريقية في ظرف وجيز جدا. يذكر أن الخلاف بين فرنسا والجزائر اشتد مع انسياق ماكرون وراء الأطماع المغربية في الصحراء الغربية، وقد يصل إلى القطيعة النهائية بسبب تدخل باريس في شأن جزائري داخلي مرتبط باعتقال الكاتب المتصهين بوعلام صنصال، وردة فعلها على موقف الجزائر القانون بخصوص رفض استقبال المؤثر “دوالمان”، وهو الموقف الذي أظهر فرنسا عاجزة وغير قادرة حتى على اتخاذ إجراءات قانونية في قضايا بسيطة. وليست المرة الأولى التي يثير فيها روتاريو الجدل ويدخل في صراع وهمي مع بارو، فقد دعا سابقا إلى تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين ومراجعة سياسة المساعدات التنموية المقدمة للجزائر وردت الجزائر بقوة نافية وجود هذه المساعدات كرد فعل على التوترات الأخيرة.

دريس.م