قال تعالى: ” إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ” الفرقان: 70، 71. قال مدمنُ التدخينِ: لا أستطيع الإقلاعَ عن التدخينِ! الآفة السلبية القاتلة، وقال غيرُه: لا يستطيع التخلِّي عن المخدراتِ! المهلكات، وكذلك قال مدمنُ الإنترنتِ؛ بسبب ما يجد فيها من المغريات! وكذلك مدمنُ المعاصي والسيئاتِ! وفي الأثر: أوحى اللهُ إلى نبيٍّ من أنبياء بني إسرائيل: أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ: إِنَّه ليسَ من أهل قريةٍ ولا أهل بيتٍ يكونون على طاعة الله، فيتحولون منها إلى معصيةِ الله، إلا تحوَّل لهم مما يحبون إلى ما يكرهون، ثم قال: إن مصداقَ ذلك في كتابِ الله: ” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ” الرعد: 11؛ رواه الحافظ ابن كثير عن ابن أبي حاتم.
وأما تجارب المقلعين عن تلك الآفات والمساوئ القاتلة، فإنَّهم استعانوا على ذلك بصبرهم وإخلاصهم لربِّهم، وأنهم لا يمتنعون عن ذلك لأجل صحة ولا مال، وإن كان الهدف إيجابيًّا مفيدًا؛ وإنما لوجه الله تعالى؛ فلذلك صاحب هذه العقيدة لا يرجع أبدًا لما ترك؛ قال تعالى: ” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ” العنكبوت: 69. وللسائل عن شروط التوبة النصوح: شروط التوبة ثلاثة:
الشرط الأول: الندمُ على الماضي؛ كونُه يحزنُ ويندمُ على ما مضى منه من المعصية.
الشرط الثاني: إقلاعُه منها وتركُه لها؛ خوفًا من الله وتعظيمًا لله.
الشرط الثالث: العزمُ الصادقُ ألا يعودَ فيها، فأما من يقول ندمت وهو يفعلها، فما هو بتائب؛ لأنه لا بد من الندم على الماضي، والترك لها، كونه يقلع منها ويتركها… فهذه الشروط الثلاثة لا بد منها؛ إذا تمت وتوافرت، صحَّت التوبة، ومحا الله عنه الذنب، إلا إذا كان الذنب يتعلق بمخلوقين أو من أحد، فلا بد من شرط رابع، وهو أن يتحلَّلهم أو يعطيهم حقوقَهم. وَفَّقَ اللهُ من وُفِّقَ للتوبةِ والرجوعِ إليه سبحانه وتعالى، ففي الحديث الحسن، الذي رواه ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ”.