وما توفيقي إلا بالله

وما توفيقي إلا بالله

التوفيق نِشدة الحصيف وغاية طلبه؛ حين تسدد خطاه، ويُهدى إلى سبيل قويم يصيب القصد بأقرب طريق وأيسره. ولما كان التوفيق محض منة من الله؛ صار طلبه ورجاء حصوله مقصوراً عليه سبحانه، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام “وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ” هود: 88. وسبيل الله في التوفيق يُبِينُها قول الله تعالى ” فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ” محمد: 21. ذلكم السبيل هو الصدق؛ طريق التوفيق الإلهي والتسديد الرباني؛ فليس للعبد شيء أنفع من صدق ربه في جمع أموره؛ إذ متى ما سلك جادته؛ أفضت به إلى فياض الخير، وانتهت به إلى جنات الخلود. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة ” رواه البخاري ومسلم. قال ابن القيم: ” ليس للعبد شيء أنفع من صدقه ربه في جميع أموره مع صدق العزيمة؛ فيصدقه في عزمه وفي فعله”. قال تعالى: ” فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ” محمد: 21. فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعل؛ فصدق العزيمة جمعها وجزمها وعدم التردد فيها، بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوم. فإذا صدقت عزيمته بقي عليه صدق الفعل، وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه، فمن غرر أولئك الأبرار النفر الثلاثة الذين قص النبي صلى الله عليه وسلم نبأ احتجاز صخرة الغار لهم، فقالوا كما روى البخاري في صحيحه: ” إنه لا ينجيكم إلا الصدق؛ فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه! “؛ فدعا أحدهم ببره والديه، والآخر بعفته عن الحرام بعد قدرته وشغفه، والثالث بأمانته وتيسر كتمانه الحق وإغرائه؛ فكان جزاء صدقهم فرج الله لهم بانفلاق الصخرة. إنه لا وصول للتوفيق إلا بذلول الصدق. وإن الصادق لن يعدم من التوفيق إحدى حسنييه؛ ظفر بما أراده من الخير، أو حصول ثواب ذاك الخير كمن حققه وظفر به. ذاك فضل الله! ومن ذا الذي يحيط فضله؟! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من سأل الله الشهادة بصدق، بلّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه”.

 

موقع إسلام أون لاين