عُنِيَتِ الشريعة الإسلامية بالنفس عنايةً فائقةً، فشرعت من الأحكام ما يحقق لها المصالح، ويدرأ عنها المفاسد؛ وذلك مبالغةً في حفظها، وصيانتها ودرء الاعتداء عليها، ووضعت تدابيرَ عديدةً كفيلةً بإذن الله بحفظها من التَّلَفِ، وجعلت أمورًا عدةً ترتقي بها نحو المعالي والرفعة والسموِّ، بل سدَّت جميع الطرق الْمُفْضِية إلى إزهاقها أو إتلافها أو الاعتداء عليها. فالنفس محترمة في ذاتها ولذاتها بصرف النظر عن معتقدها ومذهبها ودينها؛ لأن الذي خلقها وبرأها إنما هو الله رب العالمين، وقد أكَّد الله سبحانه على عظمة النفس وعظمة حُرْمَتِها، فأقسم بها سبحانه قائلًا: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا” الشمس: 7. ويقول الله جل في علاه: “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا” المائدة: 32. فالعمل على إنقاذ نفس واحدة من الموت يأتي معادلًا لإنقاذ حياة الناس جميعًا؛ لأنه بذلك العمل الإنسانيِّ يعظِّم شأن الحياة، ويدعو الغير إلى تعظيمها والمحافظة عليها، وبذل أقصى الجهد لإنقاذ حياة الآخرين؛ لأن الحياة لا يأخذها إلا واهبَها سبحانه. كما نصَّ الفقهاء على أنه يجب على الشخص إنقاذ حياة الآخرين إذا تعرضت للخطر، وكان قادرًا على ذلك، كأن ينقذ غريقًا، أو مَن به نوبة قلبية، أو ماس كهربائي، أو رأى حريقًا، أو غير ذلك من الحالات الطارئة.
– ومن السُّبُلِ الْمُعِينة على حفظ نفسك ونفوس الآخرين: التبرع بالدم؛ لِما في ذلك من قضاء للحاجات وتفريج للكربات؛ روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً، فرَّج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”. كيف يكون شعورك، وقد قضيت حاجة مسلم من دمائك، وفرَّجت بها كربة غيرك، وخفَّفت بها معاناة أخيك؟
– ومن السُّبُلِ المعينة على حفظ نفسك ونفوس الآخرين: التدرُّب على الإسعافات الأولية، والاستفادة من أهل الاختصاص في ذلك، وتعليم الأهل والأولاد هذه المهاراتِ، وكذلك توفير حقيبة أدوات السلامة، فكم أنقذ العارفون بها من مصاب مشرِف على الهلاك في أماكن عملهم، أو في الشوارع، أو غيرها! فقد يجدون إنسانًا قد تعرَّض لجرح، أو كسر، أو نوبة قلبية، أو غصة، أو نحوها، فيسارعون لإنقاذهم، وأهل المروءة لا ينسَون المعروف، وإن ضاع عند الناس، فلن يضيع عند الله؛ قال سبحانه: “وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ” البقرة: 197.
– ومن السبل المعينة على حفظ نفسك ونفوس الآخرين كذلك: سرعة التبليغ عن حوادث السيارات أو الحرائق أو غيرها من الحالات التي تستدعي إسعافًا، وحفظ أرقام الجهات التي تؤدي هذه الخدمة؛ فسرعة مجيئهم معين – بعد الله – في تجاوز الأزمة وعلاجها وعدم تفاقمها.
لا شكَّ أن مساعدة الآخرين من أعظم القُرُبات، وأفضل الطاعات، خاصةً إذا طلبها أو أظهر احتياجه لها؛ ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” وقال صلى الله عليه وسلم: “وخير الناس أنفعهم للناس” رواه الطبراني.
من موقع الالوكة الإسلامي