سيكون المركز الثقافي الجزائري بباريس في الفترة من 6 إلى 14 ديسمبر الجاري على موعد مع التفاتة هامة تقف عند جزء من الموروث الثقافي الذي تزخر به بلدنا، ويتمثل في معرض اختير له عنوان “اللباس الحضري الجزائري، أناقة أبدية من حرير وذهب” تتخلله نشاطات موجهة للأطفال في ديكور جزائري عائلي تجتمع فيه جاليتنا التواقة لمثل هذه الفعاليات التي تربطها بالوطن.
وينطلق المعرض عبر يوم مفتوح مع الأطفال الذين سيرتدون أجمل الثياب التقليدية في عرض خاص، قصد توريث هذه الكنوز للأجيال والافتخار بها، وبالتالي الافتخار بها. كما سيشهد نفس اليوم عرض فيلم “أزول وأسمار”، أما يوم الجمعة 13 ديسمبر فسيعرض فيلم “الملكة الأخيرة” الذي يروي قصة زفيرة زوجة السلطان سليم التومي، الذي حكم الجزائر قبيل بداية فترة الوجود العثماني، أعجب بها عروج بربروس فأراد أن يتزوجها لكنها اختارت الانتحار، وتتلو الفيلم محاضرة لمخرج هذا العمل، وهو داميان أونوري المولود بفرنسا والمنحدر من مدينة عنابة، والذي سبق له وأن أنجز وثائقي “فدائي” والفيلم القصير “قنديل البحر” الحائز على جوائز في العديد من المهرجانات الدولية، مع حضور صونيا نهاوة من “مود دو لوكس” والتي تتعامل مع كبار المصمّمين ودور العرض العالمية.
وجاء في منشور خاص بالفعالية أنّ اللباس الجزائري الحضري العريق يبقى مدهشا، فهو بمثابة سفر من خلال دعوة مقدّمة للجمهور لاكتشاف عالم تميّزه الرقة والهمة والحلي المرصّعة بالجواهر في تناغم تام، ناهيك عن حضور القندورة والقفطان المصنوع من الحرير والقطيفة والمعطّر بالمسك و”المحرّج” بالمسكية.
كما جاء في نفس المنشور أنّ كلّ لباس هو مرآة للهوية، فهو غنيّ بالرموز ودال على الطبقة الاجتماعية للذي يرتديه، علما أنّ هناك اللباس اليومي ولباس المناسبات العائلية والأعياد وغيرها، كما يتميّز اللباس الجزائري بالثراء والاختلاف حسب المناطق، كذلك من خلال الطرز والإكسسوارات التي ترافقه، إذ أنّ هناك أشكالا مختلفة مثلا من زيّ القفطان منها المحلية كتلك الخاصة بمنطقة قسنطينة أو وهران والعاصمة وغيرها من الحواضر ما يعكس الثراء وأصالة الهوية. هناك أيضا دور الحرفيين الذين حافظوا على خصائص ومميّزات اللباس الجزائري عبر الأجيال، وكذلك النسوة في البيوت اللواتي أثرين هذا اللباس الجميل.
كما يمكن من خلال هذا اللباس معرفة الكثير عن الحياة الاجتماعية، ومن أشهر ما يتم عرضه الكاراكو العاصمي ضمن أشهر لباس تقليدي جزائري يختصّ بسكان مدينة الجزائر، ظهر في القرن الخامس عشر، وكانت ترتديه الطبقة الأرستقراطية من مدينة الجزائر، وكان يعبّر عن مدى النفوذ والعظمة السامية لنساء مدينة الجزائر، حيث كان يدعى بـ “الغليلة”، يتكوّن من قطعتين، الأولى غالبا ما تكون سترة مخملية من القطيفة مطروزة بخيوط ذهبية، كما تضيف المرأة عند لبس هذا الزي قطعة قماش أخرى على الرأس تدعى محرمة الفتول، سواء كانت باللون الفضي أو الذهبي حسب لون الكاراكو، بالإضافة إلى الجواهر التي تزيّن المرأة في عنقها ويديها إضافة إلى الرأس، بخيط الروح.
كذلك الشدّة التلمسانية الخاصة بالعروس، ويعدّ اللباس الأكثر فخامة بين الأزياء التقليدية، كونه يتألّف من مجموعة واسعة من مستلزمات اللباس والحلي، ولقيمته الفنية والجمالية والتاريخية صنفته منظمة اليونيسكو ضمن التراث الإنساني المشترك، هناك أيضا البلوزة الوهرانية والقندورة القسنطينية التي لا تستغني عنها العروس، فضلا على اللباس الرجالي وعلى رأسه البرنوس والقشابية.
ص/ب