عندما ضربت برأسي عرض الحائط من شدة “الفقر” لم أجد في منزلنا من الكرماء من يجود عليّ بدنانير تكفيني حق تكاليف مقهى الأنترنت، فرحت أفكر بيني وبين نفسي في حل خاصة وأن الأمر كان ملحا للغاية.
فكرت ثم فكرت وفكرت ولم أجد للخلاص سبيلا سوى قولي “على بابك يا ربي يا كريم”، وواصلت أعمالي المنزلية وما هي إلا دقائق إلا واستجاب الله لدعائي، سمعت طرقا على بابنا وعرفت الطارق من الإيقاع المميز.
ولأني عرفت الطارق فتحت الباب دون أي مساءلة وما كان عليّ عند رؤية أخي الأكبر وأقرب إخوتي إلى قلبي إلا أن أبتسم في وجهه حتى أمهد له حالتي المادية التي كانت في تلك الأثناء صعبة وصعبة للغاية ـ وكله من عند الله طيب ورحمة والحمد لله ـ .
كنت أمسح أرضية البيت ـ أعزكم الله ـ وفي عادتي أن أجبر كل من في البيت دون سواء ألا يمروا حتى تجف الأرضية تماما، لكن في ذلك اليوم وفي ذلك التوقيت، ما تفوهت بكلمة خاصة وأن الأمر متعلق بمصلحتي. صبرت والألم يعتصر قلبي وأنا أرى أخي الأكبر يجول كـ “القومري” بين الغرف تارة وبين الشرفة والرواق مرات أخرى، وكأنه متباهٍ بما يفعله، وأنا من جهتي، ما كان عليا سوى أن أنظر إليه مكلفة نفسي “خيرها في غيرها يا وليد بابا، راني حاصلة وأنت تسلكني يا خو” وحتى لا أحسسه بأن لي نية من وراء سكوتي، كنت أصرخ بصوت خافت حتى لا يشعر بشيء “دوك خاف ربي، نقعد نتبع فيك” وهو يرد عليّ “معليش يا لعزيزة دوك نشوف زواوشي ونخرج”. أخي يناديني كثيرا بـ “لعزيزة” ليس دلعا وإنما كلمة هي وأختها “لحنينة” يجريان على لسانه وهو عاشق ولهان بالعصافير، دائما أسمعه يحدثهم وكأنهم يفهمونه وعندما أضحك عليه يخبرني ببرودة بأنه يفضل الحديث إلى العصافير وينفر من الكلام إلى البشر وكل الحق في كلام أخي.
ما صدق أخي حين لبس حذاءه ووشك على فتح الباب أني منعته بابتسامة تخفي الكثير من ورائها وما صدق أنه رأى يدي تمتد إليه، قسما بالله ضحك من عينيه حتى دمعت عيناه، وسألني كم أحتاج، أخبرته ليعطيني زيادة على حاجتي دون تردد ودون سؤال آخر عما أحتاجه. فرح قلبي وانشرح فأخي حفظ ماء وجهي لأقول له “نرجعهالك في الفرح 3 مرات”، فكان جاوبه أسرع “بزاف نستنى حتى للفرح …!!!” “انعام في لفرح ان شاء الله علبالك بلي أنا ماكثة بالبيت”.
أمل ربيعي