أسماء غريبة وعجيبة يطلقها الآباء على فلذات أكبادهم

أسماء غريبة وعجيبة يطلقها الآباء على فلذات أكبادهم

 أصبحت الأسماء في الوقت الحاضر تختلف عما كانت عليه فيما سبق، حيث أضحت اليوم الأسر الجزائرية تفضل أن تسمي أبناءها بأسماء الفنانين والمشاهير والرياضيين سواء لجمال الاسم أحيانا أو لجمال حامله، وما يزيد الطين بلة هو أن الكثيرين ممن يطلقون أسماء جديدة على أبنائهم لا يعرفون معناها، وبهذه السلوكات اندثرت العديد من الأسماء الشعبية والقديمة وحلت محلها أسماء جديدة تعبر بطريقة ما عن الجيل الجديد.

فلطالما كان الجزائريون يشترطون في انتقاء الأسماء لأبنائهم، أن تعكس بشكل ما التراث الإسلامي والثوري للمنطقة، لكن في الآونة الأخيرة ومع التطورات والتغيرات الكثيرة التي طرأت على مجتمعنا، أصبح همهم الوحيد هو أن يحمل ابنهم أو ابنتهم اسما غريبا عما هو مألوف وسائد حتى وإن كان لا يمت لعاداتنا وتقاليدنا بأية صلة أو يكون أحيانا أخرى دون معنى.

أسماء اندثرت وأخرى تبحث عمن ينطق بها

لعل الأسماء التي كانت سائدة في الماضي تعبر كثيرا عن الدين الإسلامي، حيث ارتبطت الأسماء خاصة الذكورية منها بأسماء الله الحسنى والرسول المصطفى “محمد” -صلى الله عليه وسلم- وأيضا بأسماء الصحابة، أما البنات فكان يطلق عليهن أسماء زوجات الرسول وبناته مثل عائشة وفاطمة، التي تدل في مجمل معانيها على القوة والرجولة والأخلاق العالية، فتزيد الشخص الذي يحمل اسما من هذه الأسماء هبة ووقارا لجمال ورقي الاسم الذي يحمله.

كما أن الأسماء في الجزائر عامة ارتبطت بشهداء الثورة مثل العربي، عميروش كما كانوا يسمون مواليدهم أيضا على أسماء الطبيعة مثل خضرة، روزا، طاوس، غزالة، كما كان يحمل المواليد الجدد الذين يولدون في مناسبة أو شهر ما اسمي رمضان، شعبان أو اسم يوم، كبوجمعة والسبتي والأمر الملفت للانتباه هو أن المواليد الذين يولدون في سبعة أشهر يسمونهم سويبع أو سويبعة لأنهم لم يكملوا التسعة أشهر.

ولا يمكن أن تقتصر الأسماء الغريبة على الوقت الحاضر فقط، ففي الماضي أيضا كانوا يسمون أسماء عجيبة ودون معنى خصوصا تلك الأم التي يتوفى لها أولادها، حيث ينصحها الأكبر منها سنا بأن تسميه اسما قبيحا حتى يبقى على قيد الحياة مثل اسم معمر ومعيوف وسكراني وغيرها من الأسماء البشعة التي يطلقها الأهل على ابنهم من أجل أن يعيش ويعمر طويلا.

في الجنوب الجزائري… أسماء لجلب الخير وأخرى لإبعاد الحسد وطول العمر

ويطلقون على بناتهم أسماء متفائلة مثل: مبروكة ومسعودة وهنية ونعيمة وآمنة بالإضافة إلى الأسماء العربية المعروفة مثل فاطمة، زينب وخديجة وعائشة وأسماء أخرى: مثل الواهمة والناعسة والجازية، أما الصبيان، فهم خوفاً من الحسد وحتى يتمتع أولادهم بطول العمر يطلقون عليهم أسماء كريهة، مثل الأعرج والأكوص، والأطرش والعقون، الأحول والأنف، والبشايب، وطبعاً يستعملون الأسماء العربية المعروفة مثل تامر وعامرو جابر  محمد وغيرها…._ لا يستعملون أسماء أبنائهم ككنية لأسمائهم كما هو الحال في بدو المشرق العربي، فلا يقولون: “أبو فلان”، أو “أم فلان”، وإنما قد يسمى الطفل منذ ولادته بكنية تابعة لاسمه، لا علاقة لها بوالديه، مثل أبو القاسم محمد العلوي، وابن الفضل علي الزياني، وأبو زيد أحمد الإبراهيمي وهلم جرا… وقد تسمى البنت منذ ولادتها أم السعد… أم الخير… أم الفضل الخ. وبالنسبة للمرأة المتزوجة، فمن النادر أن تنادي أو تخاطب زوجها باسمه الصريح، إنما تشير إليه بقولها: … أنت… أو اسمع… أو هو.. أو هذاك…!.. نظراً لكون البدوي، بطبعه، كثير الحركة والتجوال في أرجاء الصحراء الواسعة، فإنك عندما تسأله عن مكان ما، ويجيبك بإشارة من يده، مع حركة عمودية من رأسه وهو يقول لك: هناك… فاعلم أنك ستسير ثلاثين أو أربعين ميلاً، حتى تصل إلى ذلك المكان._

الجزائريون يرجعون إلى الأفلام الغربية والمسلسلات التركية في اختيار الأسماء

إن من بين الأسباب التي ساهمت بشكل كبير في تسمية الأبناء بأسماء غريبة هي المسلسلات السورية عموما والتركية خصوصا، وما تركته من تأثيرات عميقة على نفسية الأمهات بشكل خاص، حيث يفتن بجمال فنانة ما ورشاقتها فتطلق اسمها على اسم ابنتها حتى تحمل الصفات نفسها، مثل اسمي سمر ونور وميرنا، وإذا كانت هذه أسماء الإناث فأسماء الذكور هي كذلك تخضع لنفس المقاييس فلا يمكن لأي واحد منا أن ينكر أو ينسى ما يحظى به الفنان التركي “مهند” من إعجاب وهوس من قبل السيدات والفتيات، حيث رحن يطلقن هذا الاسم على كل أولادهم أو أحيانا يقترحونه على كل أم تنتظر مولودا جديدا حتى تسمي ابنها بهذا الاسم، على الرغم من أن بعض الأسماء التركية ثقيلة في النطق خاصة إذا توافقت مع اللهجة الجزائرية، إلا أن ذلك لم يشكل عائقا للبعض، حيث يصرون على أن يسموا فلذات كبدهم بأسمر، كنان، نهال، ودينا…

وتقول “كريمة” أم لطفلين، التي جعلت من المسلسلات التركية مرجعا لها في تسمية أبنائها خاصة وأنها تزخر بأسماء غريبة وجديدة “منذ الصغر وأنا أعشق الأسماء الجديدة والخارجة عن نطاق العادة، لذلك وبعد أن رزقت بولدين أصبحت أتخذ من المسلسلات التركية مرجعا أعتمد عليه في اختيار الاسم المحبب إلى قلبي” وعما إذا وجدت المعارضة من قبل زوجها أو أهله أضافت “لم ألق أية معارضة أو عدم موافقة من كلا الطرفين، فهمّهم الوحيد هو أن يكون الطفل بصحة جيدة فقط”.

انفصالات وشجارات بسبب أسماء تافهة

تسمية المولود الجديد تحول الفرحة إلى شجارات وخلافات بين الزوجين

كثيرا ما تصر الأم على أن تسمي المولود الذي تنتظره باسم جديد اختارته له، خاصة إذا كانت تحلم به منذ الصغر، لكن الشيء الذي لم يكن في حسبان هذه الأم هو أن تصطدم بعدم موافقة أهل الزوج أو زوجها على الاسم المقترح، وهنا تكون البداية للمشاكل الأسرية التي يمكن أن تنتهي بشجارات تنتهي إلى حد الانفصال بسبب اسم كثيرا ما يكون دون معنى أو تافها فيحطم ما بنوه في سنين عدة.

هذا ما حدث مع “حنان” التي تزوجت حديثا ورزقت بطفلة رغبت في تسميتها “نرمين”، حيث تقول في هذا الشأن “وجدت صعوبة كبيرة في إقناع زوجي، لكن بعد أن تقبل الاسم بصعوبة شديدة، واجهت مشكلة مع أهله الذين رغبوا في أن أسميها “الزهرة” على اسم والدتهم إلا أن رفضي الاسم أدخلنا في دوامة من المشاكل التي جعلتني أقاطعهم فترة من الزمن لكن بعد أن كبرت ابنتي أصبحوا يستلطفونها وبالتالي تحسنت الأمور بيننا”.

“سامية” هي الأخرى واجهت مشاكل بسبب اسم انتقته هي وزوجها حتى يطلقوه على ابنهما لكن أب زوجها أراد أن يسمي حفيده

“محفوظ”، حيث رأى والده في منامه يقول له أن يسمي حفيده بهذا الاسم، وتقول في هذا الشأن “بعد أن اقترح علي هذا الاسم امتثلت لرغبته، لكني اشترطت أن أضيف الاسم الذي اخترته له أنا ووالده وبالتالي أصبح لديه اسمان – وسيم محفوظ-” . لكن عناد فضيلة أوصلها بسبب اسم إلى حد انفصالها عن زوجها الذي رفض أن يطلق على ابنه اسم “كنان” واختار له من الأسماء “ماسي”.