في أجواء حماسية اتسمت بروح الوحدة والتكامل، انطلقت، السبت، فعاليات “ملتقى إفريقيا للاستثمار والتجارة” بالعاصمة الجزائرية، بمشاركة واسعة من رجال أعمال، مستثمرين، ومؤسسات مالية من مختلف أنحاء القارة، حيث شكلت الكلمة الافتتاحية لرئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، أمين بوطالبي، خارطة طريق طموحة لتعزيز التعاون بين الدول الإفريقية.
وأكد بوطالبي، أن الجزائر تضطلع بدور استراتيجي بصفتها بوابة القارة الإفريقية نحو العالم، مشيرا إلى أن هذا اللقاء ليس فقط مساحة لبحث الفرص الاقتصادية، بل محطة لتعزيز الانتماء القاري والعمل المشترك من أجل تنمية مستدامة وشراكات قائمة على مبدأ “رابح – رابح”. واستحضر بوطالبي في مستهل كلمته، الذكرى الـ80 لمجازر 8 ماي 1945، معتبرا إياها رمزا لصمود الشعب الجزائري ومصدر إلهام لمسيرة التحرر والبناء المشترك في القارة السمراء. وسلط الضوء على أهمية البنية التحتية والنقل الجوي والبحري والسكك الحديدية في تسهيل التبادل التجاري، منوها بدور الخطوط الجوية الجزائرية في ربط العواصم الإفريقية، إلى جانب التعاون مع شركات كبرى كالخطوط الجوية التركية”. كما أشاد، بالدور الفعال للبنوك الجزائرية، خاصة من خلال فروعها في السنغال وموريتانيا، مؤكدًا أن ذلك يعكس التزام الجزائر الحقيقي تجاه دعم الشراكة الإفريقية. وركز المتحدث على دور الشباب الإفريقي كمحرك للتنمية، داعيا إلى تمكينه من قيادة المؤسسات الناشئة، والاستفادة من إبداعه في بلورة حلول مبتكرة تعزز من التكامل القاري. ولم يغفل بوطالبي، الحديث عن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF)، و”رؤية إفريقيا 2063″، كإطارين استراتيجيين للاندماج الاقتصادي، داعيا إلى تضافر الجهود لتفعيلها ميدانيًا، والاستفادة من الدعم الذي تقدّمه مؤسسات مالية بارزة كالمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا (BADEA) والبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (Afreximbank). كما أعلن عن المعرض الإفريقي للتجارة البينية “IATF2025” المقرر من 4 إلى 10 سبتمبر، واصفا إياه ببوابة الفرص الإفريقية، داعيا رجال الأعمال والمؤسسات للتسجيل والمشاركة فيه بفعالية. ونوه بوطالبي كذلك، إلى دور الجاليات الإفريقية بالخارج في دعم مشاريع التنمية داخل القارة، داعيا إلى ربطها بشكل مباشر بالفرص المتاحة في الأسواق المحلية. وأشار إلى أن الجزائر تقدم نموذجا استثماريا محفزا يجمع بين المناخ الجاذب، الإرادة السياسية، والصناعة الوطنية التنافسية، معتبرا أن منتجات الجزائر تحظى باهتمام متزايد من الأسواق الإفريقية. واختتم بوطالبي حديثه برسالة ملهمة: “معًا نبني إفريقيا مزدهرة، معا نكمل بعضنا البعض، معا نعزز الأمن بكل معانيه، ومعا نحقق التنمية. لا تضيعوا الوقت… الفرص أمامكم”. وشهدت القاعة تنوعا لافتا من الوفود المشاركة، من يبحث عن شراكات، ومن يعرض مشاريع، إلى جانب البنوك والمؤسسات المهتمة بالتمويل والتعاون، في جو يعبّر عن ديناميكية حقيقية للعمل الإفريقي المشترك. كما يواصل الملتقى، أشغاله عبر ورشات عمل، جلسات تقنية، لقاءات ثنائية، وجولات ميدانية وثقافية، ما يجعله فضاء متكاملا لتعزيز الاستثمار، تبادل الخبرات، واستكشاف الإمكانيات الاقتصادية التي تزخر بها الجزائر والقارة السمراء.
إيمان عبروس
