اعمل أيَّ شيء مشروع نافع لك أو لغيرك؛ فإذا كنت عالمًا فعلِّم، أو داعيًا فادع، أو كاتبًا فاكتب، أو طالب علم فاحفظ، أو عندك شيء تعمله للدنيا فسارع إليه اختراعًا أو صناعة أو زراعة، أو كتابة أو تعليمًا، ولا تنسَ وأنت على ذلك الجِدِّ المسارعةَ إلى الخيرات من الأعمال الصالحات؛ فإن الله تعالى قد دعاك إلى المسارعة والمسابقة والمنافسة فيها. فاعمل ما استطعت ولا تقعد، ولا تجعل القنوط يتسلل إلى نفسك، وفوِّتْ على أعداء الحق فرصةَ رؤيتك ذابلاً غير عامل؛ فإنهم قد يصنعون الأزمات للمسلمين ليوقفوهم عن الإنتاج لدينهم أو دنياهم، فمن أكثر ما يُغيظهم، ويؤجج حنقهم أن يروك نشيطًا متفائلاً لم تقيدك الأزمات. ولا تقبل نصيحة الشيطان الكاذبة إن جاءك وأنت منهمك في الإنتاج والعمل، متسلح بالتفاؤل والأمل فقال لك: إنك بارد الشعور نحو المكلومين، غافل عن أحزان المسلمين، وغايته من ذلك أن يقيدك في الغم والأسى، ليبعدك عما أنت فيه من الخير. فاغرسْ فسائلَ العزم في داخلك، وروح المثابرة في حياتك، وتحرك لفعل ما يفيد، وانتصر على غموم الواقع ومشكلاته، وأملأ الفراغ حتى لا يشغلك الفراغ بالهم والغم، فقد قال الله تعالى ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ” الشرح:7. وفي قوله ” فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ” حل لمشكلة الفراغ التي شغلت العالم حيث لم تترك للمسلم فراغًا في وقته؛ لأنه إما في عمل للدنيا وإما في عمل للآخرة. ولا تفكر في نتيجة عملك الذي ستقدمه للحياة، فإن لم تنتفع به أنت في حياتك انتفع به غيرك، وربحت الأجر بعد مماتك إن أصلحت النية، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سُرق منه له صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة، ولا يرزؤه – أي: ينقصه ويأخذ منه – أحدٌ إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة” مسلم. وحكي أن كسرى خرج يومًا يتصيد فوجد شيخًا كبيراً يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له: يا هذا، أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة، فلم تغرسه؟! فقال: أيها الملك، زرع لنا من قبلنا فأكلنا، فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل.
من موقع إسلام أون لاين