تاريخ وتراجم 

بعوث النبي صلى الله عليه وسلم

بعوث النبي صلى الله عليه وسلم

أقبلت الوفود تسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعلان إسلامها، وتدخل تحت سيادة الدولة الإسلامية، فقد أخذ هو أيضا صلى الله عليه وسلم يرسل رسله ومبعوثيه إلى الناس لدعوتهم إلى الإسلام، وتعليمهم مبادئه وأحكامه . فقد انتشر الإسلام في الجزيرة ومختلف أطرافها، ومن ثم أصبحت الحاجة داعية إلى إرسال معلمين ومربين ودعاة، يشرحون للناس حقائق الإسلام، ويدعونهم إليه . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على الجبهة الجنوبية للدولة، وأن تدخل قبائل اليمن في الإسلام، وظهر هذا الاهتمام في النتائج الباهرة التي حققتها الدعوة وكثرة عدد الوفود التي كانت تنساب من كل أطراف اليمن متجهة إلى المدينة. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل  رضي الله عنه أعلم الصحابة بالحلال والحرام إلى اليمن قاضياً ومفقِّهاً وأميراً، وجعله على أحد أجزائها وهو الأعلى . ولما خرج معاذ قاصداً اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوصاه بوصايا كثيرة، ورسم له منهجاً دعوياً عظيما .

ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من وصاياه لمعاذ قال له: ” يا معاذ ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري. فبكى معاذ لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم” البخاري، وكذلك وقع الأمر كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم فقد أقام معاذ باليمن ولم يرجع إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري رضي الله عنه إلى الجزء الآخر من اليمن وهو الأسفل، قاضياً ومفقهاً وأميراً، وقد وُلِدَ رضي الله عنه قبل الهجرة في زبيد باليمن، وقدم مكة عند ظهور الإسلام فأسلم، وكان رضي الله عنه من أحسن الصحابة صوتاً في تلاوة القرآن الكريم، وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ” يا أبا موسى : لقد أُعْطِيتَ مزماراً من مزامير آل داود ” البخاري. وفي اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى رضي الله عنهما لهذه المهمة التأكيد على أهمية حُسْن اختيار الدعاة الذين يمثلون الإسلام ويدعون إليه، فقد اختار صلى الله عليه وسلم صحابيين من أفضل صحابته وفقهائهم، وبعثهم ليكونوا رسله وسفراءه للقيام بمهمة تعليم الناس أمور دينهم.