إنَّ مِن سنن الله عز وجل أن جعَل لكلّ شيءٍ أسبابًا ونتائجَ، وغَاياتٍ ومَبَاهِجَ، وأمَر عبادَه باتخاذِ الأسبابِ، للوصولِ إلى أَسْمَى الغاياتِ: معاقدِ العزَّةِ والانتصاراتِ. وإنَّ من الواجبِ على أهل التوحيد والإيمان، الآملينَ في تأييد القويِّ المنَّانِ، أن يَتدَرَّعُوا بأسبابِ النصرِ والعزَّةِ والتمكينِ؛ ويأخذوا بها في كل مكانٍ وآنٍ وحِينٍ. وإنَّ من فضل الله سبحانه على عباده المؤمنين، أنَّه دلَّهم وأرشَدَهم إلى هذه الأسباب، وبيَّنَها في الكتاب الكريم، والسُّنَّة النبويَّة المطهَّرة. ويأتي في مقدمة هذه الأسباب فإنَّهما أعظمُ ما أمَر اللهُ به:
– فالتوحيد والإخلاص في العمل من أعظم أسباب النصر؛ “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ” الْبَيِّنَةِ: 5.
– الإيمان والعمل الصالح، يقول سبحانه “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” الرُّومِ: 47، ويقول عز وجل “إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ” غَافِرٍ: 51، ويقول جل وعلا “إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا” الْحَجِّ: 38.
– نُصرةُ دينِ الله؛ “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ” مُحَمَّدٍ: 7، “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ” الْحَجِّ: 40-41، فمِنْ أعظمِ أسبابِ النصرِ إقامةُ دينِ اللهِ، والدعوةُ إلى اللهِ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُ عن المنكرِ، ونصرُ المستضعَفينَ في الأرضِ.
– اجتماع الكلمة، ووحدة الصف على الحق، وإصلاح ذات البين، وعدم التنازع والتفرُّق والشقاق، قال تعالى “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” آلِ عِمْرَانَ: 103، ويقول سبحانه “فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ” الْأَنْفَالِ: 1، فأولُ طريقِ التمكينِ للأُمة تقوى الله والإصلاح؛ “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ” الْأَنْفَالِ: 46.
– إعدادُ ما يُستطاع من قوَّة ماديَّة ومعنوية؛ فالقوَّة للمؤمنين المدافعين عن دينهم وأُمَّتِهم ومقدساتهم مطلب شرعي؛ فالإسلام دين القُوَّة والعزة والكرامة، وقِوامُه بكتابٍ يهدي، وسلاحٍ ينصر؛ قال تعالى “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ” الْأَنْفَالِ: 60.
– التوكُّلُ على الله، قال جلَّ في علاه “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” آلِ عِمْرَانَ: 160، وَقَالَ سُبْحَانَهُ “وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” الْمَائِدَةِ: 23؛ فالتوكُّلُ على القويِّ المتينِ، من أعظمِ الأسبابِ الشرعيةِ الجالبةِ للنصرِ والتمكينِ.
– الصبر والثبات، قال الله تعالى “وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” آلِ عِمْرَانَ: 120، ويقول سبحانه “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” الْأَنْفَالِ: 45.
– إقامةُ الصلاةِ والإكثارُ من ذِكْر اللهِ، واستغفارهُ، ودعاؤهُ، والاستغاثةُ والاستعانة به واللَّجَأُ إليه، يقول سبحانه “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ” الْبَقَرَةِ: 238-239.
– الدعاء؛ فإنَّ من حقِّ إخوانكم في الأرض المقدَّسة عليكم نصرتُهم بالتضرُّع إلى الله، والدعاء والإلحاح عليه، والتذللِ بينَ يديه سبحانه، وسؤالِه عاجلَ النصر والثبات والتمكين.
من موقع الالوكة الإسلامي