ولد الشيخ محمد الأمين العمودي سنة 1890 بوادي سوف وسط عائلة فقيرة ومحافظة، توفي أبوه وهو صغير، فكفله عمه العلامة الشيخ محمد بن عبد الرحمن العمودي، الذي تعلم على يده القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية.
وعندما بلغ سن الدراسة، التحق بالمدرسة الرسمية الفرنسية الوحيدة بوادي سوف آنذاك، فحصل على الشهادة الابتدائية ثم التحق بمتوسطة بسكرة، وعندما بلغ السنة السادسة عشرة تقدم إلى امتحان الدخول إلى المدرسة الفرنسية الإسلامية، التي أنشأتها الإدارة الاستعمارية لتكوين القضاة والمترجمين والوكلاء الشرعيين، بكل من قسنطينة والعاصمة وتلمسان، فحصل العمودي بمدرسة قسنطينة على شهادة وكيل شرعي.
ثار الشهيد على الظلم، ودعا إلى المساواة بين الفرنسيين والجزائريين لأن الواقع كان على عكس ذلك، فالإدارة الفرنسية كانت تطلق اسم الأهالي على الجزائريين، وتعتبرهم مجرد رعايا، وهذا كان يقلق بال محمد الأمين العمودي وغيره من المثقفين الجزائريين.
لذلك ظل يناضل من أجل الدفاع عن الكرامة، والحفاظ على مبادئ الشعب الجزائري وقيمه كاللغة والدين والتاريخ، وكان له موقف واضح من المستعمر الفرنسي يتمثل في فضح أفعاله وتوضيح أهدافه الخفية والمعلنة لضرب مقومات الشعب الجزائري، ظهر هذا الموقف في مقالاته الصحفية وأعماله الأدبية والشعرية، ونشاطه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
كان الشيخ العمودي يعتني كثيرا بالإصلاح قبل ظهور جمعية العلماء المسلمين، فهو الذي دعا على صفحات جريدة “الإصلاح” لصاحبها الطيب العقبي سنة 1930 إلى تأسيس جمعية دينية يلتقي فيها العلماء والمفكرون الجزائريون، يكون منهجها الإصلاح وأساسها الدعوة إلى الإسلام الصحيح، وفي 5 ماي 1931 انعقدت جمعية عامة بنادي الترقي بالجزائر العاصمة، حضرها عدد كبير من العلماء.
كان محمد الأمين ضمن وفد ناحية بسكرة مع الشيخين الطيب العقبي، والشاعر محمد العيد آل خليفة، وقد نتج عن هذا الاجتماع تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وانتخاب محمد الأمين العمودي كاتبا عاما لها لأنه كان يتقن اللغة العربية والفرنسية، فأدى مهامه بعد ذلك في هذا المنصب على أحسن وجه.
كان الشهيد من المشاركين في المؤتمر الإسلامي الذي انعقد بتاريخ 7 جوان 1936، وكان ضمن الوفد الذي أرسله المؤتمر إلى فرنسا لمقابلة المسؤولين في حكومتها وتقديم مطالب المؤتمر لهم، بدأ الشيخ محمد الأمين العمودي في نظم الشعر منذ كان طالبا، وكان شعره آنذاك يصور حياة البؤس والشقاء التي كان يعيشها الجزائريون.
وكانت بداية الشهيد مع الصحافة سنة 1925، حيث كتب باللغتين العربية والفرنسية، في أغلب صحف النهضة مثل جريدتي “النجاح” و”الإقدام” اللتين كان يصدرهما الأمير خالد، و”المنتقد” و”الشهاب” اللتين كان يصدرهما الشيخ عبد الحميد بن باديس و”الجزائر” و”صدى الصحراء” و”الجزائر الجمهورية”، وحتى بعض الصحف التونسية التي كانت تصل إلى الجزائر.
وعند اندلاع الثورة التحريرية كان يتابع ما يكتب عنها باللغة الأجنبية، ويترجمها إلى اللغة العربية ليطلع عليه زملاءه الذين لا يتقنون اللغة الفرنسية، حيث طلبت منه السلطات الاستعمارية أن يقدح في الثورة والثوار، لكنه رفض ذلك مما جعل المستعمر يضعه نصب عينيه، وخاصة بعدما شك أنه هو الذي ترجم لائحة مطالب جبهة التحرير الوطني التي قدمت إلى هيئة الأمم المتحدة.
ونتيجة لشك الإدارة الاستعمارية في تعاونه مع جبهة التحرير الوطني، على تحرير بعض الوثائق المقدمة لهيئة الأمم المتحدة اختطفته عصابة اليد الحمراء، وأعدمته دون محاكمة يوم 10 أكتوبر 1957.