هواية وحرفة موسمية لها عشاقها

الصيد البري في الجزائر.. عودة قوية في أطر قانونية منظمة

الصيد البري في الجزائر.. عودة قوية في أطر قانونية منظمة

استعادت هواية الصيد البري في الجزائر بريقها شيئا فشيئا، بعدما تراجع الاهتمام بها في السنوات الأخيرة، خاصة في فترة العشرية السوداء وما بعدها، ومن أجل ممارسة هذه الهواية بشكل منظم في إطار قانوني، بادر الصيادون المولعون بهذه الهواية إلى تنظيم أنفسهم، من خلال إنشاء جمعيات تنظم النشاط .

من جهتها، وضعت المديرية العامة للغابات مخططا وطنيا خاصا بموسم الصيد البري 2023/2024، الذي تم افتتاحه شهر سبتمبر الماضي ضمانا لتطبيقه بفعالية، وكشف المدير العام للغابات السيد طواهرية عن “وضع مخطط وطني بمناسبة إعادة بعث نشاط الصيد في الجزائر، بشكل استثنائي بعد تعليقه لأكثر من 30 سنة”، معتبرا هذه العملية “خلاصا وانتصارا للصيادين، واجراء هاما للحد من الصيد الجائر”.

وتم اعداد هذا المخطط “بعد تقييم وطني للإمكانيات الصيدية المتوفرة، وطبقا للإحصائيات التي أجرتها المديرية، بالتعاون مع الصيادين المختصين، على أن تتم المصادقة عليه من طرف المجلس الذي يتولى مهمة الاصغاء وتوجيه الإدارة المكلفة بالصيد وتنمية الثروة الحيوانية في البلد.

ووفقا للأرقام التي قدمها المدير العام للغابات بالمناسبة، فقد تم إحصاء، إلى غاية السنة الجارية، “27 ألف صياد متخصص في الصيد البري، منظمين في إطار 857 جمعية وموزعين عبر 44 فدرالية ولائية، منهم 22.196 خضعوا للتكوين قبل الحصول على شهادة تأهيل لحيازة رخصة الصيد”.

وتم في هذا الإطار منح، الى غاية اليوم، “21.586 رخصة صيد على المستوى الوطني وتوزيع 18.922 إجازة صيد على مستوى المحافظات الولائية”.

 

الصيادون مدعوون لاحترام القانون

وبالمناسبة، دعا السيد طواهرية الصيادين إلى “ضرورة تطبيق واحترام القوانين المتعلقة بنشاط الصيد والحفاظ على الثروة الحيوانية التي تعد مسؤولية الجميع، مع الصيد العقلاني للطرائد، خاصة بعد موجة حرائق الغابات التي شهدتها البلد مؤخرا والتي أدت إلى فقدان العديد من أنواع الطرائد”.

هواية متوارثة

يمارس أطفال وشباب من أرياف الجزائر، هذه الأيام هواية متوارثة عبر الأجيال، تحولت إلى حرفة موسمية في العقود الأخيرة، ينتشرون في الغابات والحقول والأحراش بالآلاف لصيد طائر الحجل البري وغيره من الحيوانات البرية بالطرق التقليدية.

 

مورد مالي ومفيد للاستهلاك العائلي

يفيد الصيد في الاستهلاك العائلي، كما صار مورداً مالياً مهماً، وينتظر الجميع بفارغ الصبر تساقط الثلوج، حيث تزيد فرص الصيد بشكل محسوس، ويفتح موسم الصيد البري رسمياً في بداية أكتوبر، ويستمر حتى بداية مارس، ثم تصير ممارسة هذه الهواية ممنوعة قانوناً لستة أشهر هي مدة التزاوج ربيعاً والتفريخ وتربية الفراخ صيفاً.

 

أدوات بسيطة لصيد “الحجل

من بين أكثر ما يقوم الجزائريون بصيده هو طائر “الحجل” لبساطة الأدوات المستعملة في صيده، حيث يصنع من يمارسون هذه الهواية أدوات الصيد بأنفسهم وهي فخاخ منوعة، ينصبونها في مواقع تتردد عليها أسراب الحجل، بحثاً عن الغذاء خصوصاً في غابات الزيتون والصنوبر والبلوط والخروب وغيرها، ويكون الصيد أكثر وفرة حين تكون الأرض مكسوة بطبقة سميكة من الثلج تخفي كل ما يمكن أن يشكل غذاء للطيور، هنا يعري الصيادون الأرض من الثلج ويزرعون أغذية مفخخة تمسك بالطائر بمجرد تناولها.

ولا يتوقف الإبداع في طرق الصيد، ففي كل عام تجد شاباً أو حتى طفلاً ابتكر طريقة جديدة يتعلمها منه غيره، فتصبح منتشرة وتدخل في السياق العام لما يمكن تسميته «فنون الصيد البري التقليدي». وثمة فخاخ تحتاج إلى الحراسة كونها تتسبب بقتل الطائر أو سرقته من الذئاب والثعالب في حال غفل الصياد، لكن توجد طرق أكثر أماناً وهي بسيطة جداً وصارت الأكثر استخداماً.

يشرح نور الدين، طريقة الصيد التي يتبعها، قائلاً: «الأمر بسيط لكن يحتاج إلى جملة من التقنيات يجب أن تجرى بشكل صحيح حتى يتحقق الصيد. فيجب أن تختار وقت نصب الفخ مهما كان نوعه ووضع الطعم بطريقة صحيحة وتوفير الشروط التي تجعل الطائر يتوجه نحو الفخ. فالحجل عموماً يسير لمسافات طويلة على الأرض بحثاً عن الأكل، وهو يسير على أسهل الطرق ويتفادى تجاوز الحواجز. لذلك يكفي أن تضع العوائق أمامه في الاتجاهات الأخرى حتى تجده قصد المكان المفخخ”.

ونور الدين البالغ من العمر 27 عاماً، حصل على جائزة أفضل صياد تقليدي في منطقته 4 مرات متتالية في السنوات الأخيرة، ويصطاد عادة بفخ مشكل من اللوح الخشبي، وهو عبارة عن قطعتين من اللوح الرقيق بطول 30 إلى 35 سم وعرض 10 إلى 15 سم تركب على إطار حتى تشكل ما يشبه باباً من دفتين، توضع بإحكام مسطحة لتغطي حفرة بعمق 30 سم على الأقل. ويموّه الباب الخشبي الصغير بأوراق الأشجار اليابسة ويوضع حولها سياج من أغصان الأشجار الصغيرة والقش بعلو 10 سم على الأقل على مسافة نحو 20 متراً من كل جانب.

وتوضع حبات القمح أو الذرة أو الزيتون أو أي أكل يمكن أن يتبعه الطائر سيراً إلى أن يمر على الفخ فيقع فيه، وقال نور الدين إن هذه الطريقة تبقي الطائر حياً حتى التقاطه على عكس أنواع أخرى من الفخاخ التي تعرض الطائر للخنق حتى الموت. ويوجد الحجل البري، وهو ألذ أنواع اللحوم على الإطلاق على طول الشريط الساحلي شمال البلد إلى عمق نحو 500 كلم جنوباً باتجاه الصحراء، ويكرم الضيوف في الريف الجزائري في هذا الموسم بلحم الحجل الذي يؤكل بعد مدة قصيرة من اصطياده، وتنتشر طريقة الصيد هذه في ولايات كثيرة بالشمال مثل تيزي وزو وبجاية وجيجل وسطيف وبومرداس وتيبازة وغيرها.

لمياء. ب