ينتشر الأطفال على طول الشاطئ فرادى وجماعات يلعبون بالرمل سواء بأيديهم أو بالألعاب المتاحة لذلك، لأن الأطفال لديهم ميل غريزي للعب بالرمل وتشكيل المجسمات بحبيباته بعد تبليلها بالماء خاصة على شاطئ البحر، فجلَّ متعتهم وسعادتهم بناء قلاع وبيوت من رمل شاطئ البحر.
وبعضهم يبدع أكثر بقدر ما لديه من خيال، فيبني مدينة متكاملة بشوارع ومرافق وسيارات، وقد يلح على والديه بأن يقوموا بتصويرها لتبقى شاهدة على إبداعه ولا ينسى تفاصيلها، لكن سرعان ما تأتي الأمواج وتخلطها برمل الشاطئ مجدداً وكأنها لم تكن؛ فيحزنوا كثيراً.
أمهات يرفضن اللعب بالرمل
وفي المقابل تجد الأمهات حريصات على أطفالهن من اللعب بالرمل، فهذه تمنع وتلك تغضب، وثالثة تعاقب وذلك خشيةً منهن على صحة أبنائهن؛ لاعتقادهن بأن الرمل ضار جداً بالصحة، قد يصبن أحياناً إذا كان الطفل صغيراً ولا يفرق بين الرمل كوسيلة للعب وكوجبة للأكل، ومع ذلك فقد أثبتت التجارب على أن الرمل كما له أضرار على صحة الأطفال إذا أكلوه أثناء اللعب، أيضاً له فوائد، فهو محفز للملاحظة والتفكير وإعمال الفكر والإبداع، وأيضاً محفز للأعصاب خاصة لمن يعانون من كسل في حركة الأطراف أو شلل.
تقول السيدة جهيدة إنها كانت تمنع أطفالها من اللعب بالرمال خشيةً منها على صحتهم ونظافتهم الشخصية، وبعد أن عانت أصغر أبنائها من مشاكل في أسفل القدم، نصحها الطبيب المعالج بترك الفتاة تمشي على الرمل كونه يعيد التجاويف الموجودة في باطن القدم، ويساعد على تنشيط العضلات وتحفيز الدورة الدموية، بما يعيد القدم لطبيعتها.
وتتابع بالقول: “في البداية لم أكن مقتنعة بنصيحة الطبيب ولكن التجربة كانت خير دليل، فقد تحسنت ابنتي كثيراً والحمد لله”.
غريزة فطرية
من جهتهم، يؤكد الأخصائيون النفسانيون أن الأطفال لديهم ميل غريزي للعب بالرمل، وذلك الميل أودعه الله سبحانه وتعالى بغريزة فطرية لدى الإنسان، تعمل على تنمية قدراته العقلية من خيال وذكاء وتحفزه أكثر على الابتكار.
ويشير المختصون إلى أن الطفل الصغير حين يرى الرمل يملأ به ما حوله من أوانٍ، وإذا ما أفرغها في مكان آخر تطاير فرحاً وسعادة، وحين يكبر يبدأ بتعلم صنع الأشكال الهندسية، وفي مراحل متقدمة وفقاً لسعة خياله يبدأ يشكل ما يخطر بباله بيوتاً أو حلوى أو كواكب فضائية أو خنادق ودبابات وأنفاق تساعدهم في ألعاب الحرب.
ويُبين الأطباء أهم ما يجنيه الطفل من فوائد نتيجة اللعب بالرمل، هو مهارة الاكتشاف، فيتعرف بنفسه على الأشكال الهندسية وكيفية صنعها.
فالطفل يتعلم أيضاً العد، وذلك من خلال انتقاء الحصى من الرمل وعدّها، بالإضافة إلى عمليات الجمع والطرح وغيرها، كما يتعرف على الأشكال من خلال الرمل، حيث للرمل أنواع مختلفة بألوانه المتعددة ما بين الرمل الطيني الأحمر ورمل الشاطئ ورمل الصحراء، مؤكداً أن اللعب بالرمل أيضاً يريح الطفل نفسياً لما يحمله الرمل من صفات فهو لين ومرن وسهل التعامل معه قائلاً: إن تلك الصفات تزيد من رغبة الطفل في اللعب بالرمل.
دعوا أبناءكم يلعبون
واستناداً للفوائد الكبيرة للعب الأطفال بالرمل، وأمام حرص وخشية الأمهات على أبنائهم منه، فقد دعا المختصون الأمهات إلى الرفق بأبنائهم وتركهم على سجيتهم أثناء اللعب بالرمل، مع ضرورة الحرص على أن يكون الطفل واعياً، فلا يأكل الرمل، وأن يكون الرمل نظيفاً غير ملوث، حتى لا تصيبه أمراض الحساسية وغيرها.
مشاركة الأمهات للأبناء
كما يتمنى الأطباء من الأمهات أن يشاركنّ أبناءهن في اللعب، وإرشادهن في آلية صنع الأشكال، مؤكداً أن ذلك محفز إيجابي للأطفال، ويجعلهم يتعرفون على خصائص الرمل والأشياء التي يشكلونها منه، ووجّه رسالة للأمهات قائلاً: رحماكم بأطفالنا، اتركوهم على سجيتهم، ولكن دون أن يتعرضوا لمخاطر.
ولا يختلف الأطباء في تحفيز الأمهات على السماح لأبنائهم باللعب بالرمل النظيف، فيقول لنا من وحي اختصاصه: إن اللعب بالرمل يحفز أعصاب الأطراف والعضلات أيضاً ويؤدي إلى تنشيط الجسم، لافتاً إلى أن أهمية اللعب بالرمل تبرز لدى الأطفال الذين يعانون من إعاقة حركية أو شلل جزئي.
وبيَّن الأطباء أن مراكز التأهيل للمعاقين تولي اهتماماً كبيراً بإدراج وسيلة اللعب بالرمل في أنشطتها وخططها العلاجية لما له من أثر صحي جيد على ذوي الإعاقة وضعف الحركة، وأثر نفسي طيب أيضاً، لافتاً إلى أن اللعب بالرمل للمعاقين أكثر أمناً في ظل الخشية من عدم تفاعلهم بالشكل المطلوب مع الألعاب المصنوعة من البلاستيك أو الخشب، كما أن الرمل يكتسب أهمية كبيرة لدى الأطفال الذين يعانون من مشاكل أسفل القدم، إضافة إلى أن سير الطفل حافي القدمين على الرمل من شأنه أن يحفز وينشط الدورة الدموية، ويساعد الطفل على استعادة الشكل الطبيعي للقدم وقال: إن النتائج تكون أفضل من ارتدائه الحذاء الطبي الصناعي.
ق. م