مظاهر الغفلة في الحياة المعاصرة

مظاهر الغفلة في الحياة المعاصرة

 

إنَّ الغفلة إذا عمَّ خطرُها، أوشكتْ بالهلاك للأمم، وإنَّ اليقظة والبصيرة إذا لاح سبيلُها، فنِعم الطريق للسالكين، وإنَّ أخطر ما تمرُّ به الأمَّة اليوم هذا الداء القاتِل، الذي بدَتْ لنا مظاهرُه في كثيرٍ من مجالات الحياة الإسلامية، في الجانب الفردي، وفي الجانب الجَماعي، وهذه صُور ونماذج تدلِّل على فُشوِّ الغفلة في الأمة الإسلامية خاصَّة، بل وفي غيرها من الأمم:

– الغفلة عن أشراط الساعة: مِن مظاهر الغفلة في حياة كثيرٍ من الناس اليوم: الغفلة عن علامات الساعة وأشراطها؛ حيث إنَّ الله تعالى جعَل ظهور هذه العلامات دليلاً على اقتراب يومِ القِيامة، ومحاسبة الله للخلائق، كلٌ يُجزَى بعمله؛ كما قال تعالى ” اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ” الأنبياء: 1. ومع ذلك يقع الناسُ في غفلة شديدة، حيث يرَوْن انتشارَ الرِّبا والزِّنا، وشرْب الخمور والمسكرات، وضرْب المعازف والقينات، وكثرة الفواحِش والمنكرات، ولا يلقون بالاً لمثل هذه العلامات الكبيرة، والتي تستوجب عليهم التوبة إلى الله منها، والاستعداد للدار الآخِرة.

– الغفلة عن المهمات والأولويات: ومنها كذلك الغفلة عن المهمَّات والأولويات، والانشغال بالتوافِه والشهوات، وما يلحق بها ممَّا يُضيع الأعمارَ والأوقات، فنجد في أمَّتنا مَن شُغِل بالنِّساء والحب والغرام، ونجد مَن شُغل بالنوادي والمباريات، بينما كان الواجبُ عليهم الانشغالَ بما هو أوْلى وأجْدى، وأنفع في الدنيا والآخرة. فالانشغال بتصحيح التوحيد والعقيدة، والانشغال بتصحيح العبادة، وتهذيب الأخلاق، والانشغال بالدَّعْوة إلى الله، وهداية الناس، والانشغال بقضايا الأمَّة وهمومها، كلُّ ذلك أَوْلى وأجْدَى، وأهمُّ وأنفعُ مِن غيره من كثيرٍ من التوافه والْمُلهيات.

– الغفلة عن الدار الآخرة والاستعداد لها: ومِن مظاهر الغفلة أيضًا: الغفلة عن الدار الآخرة يوم القيامة والاستعداد لها، والرُّكون إلى حبِّ الدنيا وزينتها، والانغماس الشديد في طلبها، واستعجال التَّرَف والمُتعة، واللذَّة والراحة في دار الحياة الدنيا؛ كما قال تعالى ” كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ” القيامة: 20 -21. وقال تعالى ” إِنَّ هَؤُلاَء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلاً ” الإنسان: 27.

– الاستخفاف بأوامر الله ورسوله: ومنها الاستخفاف والاستهانة بأوامِر الله ورسوله، ومقارفة الكبائر والمحرَّمات، وترْك التورُّع عن فعْل الذنوب والسيئات، حيث دبَّ في كثير من الناس هذا الداء، فلا يكاد المرءُ يستحيي من فِعْل الفاحشة ولا مقدماتها، ولا من أكْل الرِّبا وأموال الناس بالباطل، ولا يتورَّع بنفسه عن مواطنِ الشُّبهات والمحرَّمات.

– التقليد الأعمى للكفار: والتقليد الأعْمى لأهل الكفر والشرك مظهرٌ لا يكاد تَرفع بصرَك حتى تراه في مجالاتٍ كثيرة، حيث التقليدُ والتبعية العمياء لدول الكُفْر والإلحاد في ذلك، والتقليد في المَلْبس والمظهر، حيث الشبابُ المخنَّث، والتغزُّل والغرام، وضحالة الثقافة والفِكر، وضياع معالِم الولاء والبراء في عقيدة المسلِم، وحب التقليد الدائم والمستمر لكلِّ ما هو غربي وشرقي. قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ” المائدة: 51. هذه أهمُّ معالِم ومظاهر الغفلة في حياة الأمَّة المعاصِرة اليوم، والتي ينبغي عليها أن تتخلَّص منها؛ لتصحوَ من رقادها، وتستبينَ طريقها، وإلا فإنَّ الأمَّة ستظلُّ مضروبةً بيد من الذُّلِّ والهوان.

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي