-
قانون المالية 2025 جاء ليحافظ على القدرة الشرائية للمواطن
-
برنامج رئيس الجمهورية يهدف إلى تحقيق اقتصاد ناشئ
-
مؤشرات خضراء تعكس النمو المتسارع للاقتصاد
-
تفعيل قانون الاستثمار أحدث زيادة في المداخيل خارج قطاع المحروقات
-
التحول الرقمي ضرورة وأولوية لبناء الجزائر الجديدة
-
الدولة ملتزمة بالشفافية وتعرض كل الأرقام والإحصائيات أمام البرلمان
لدى نزوله ضيفا على منتدى “الموعد اليومي”، ألقى، البروفيسور عبد القادر بريش، المحلل الاقتصادي وعضو المجلس الشعبي الوطني، الضوء على قانون المالية 2025 وما يحمله من إجراءات جديدة تهدف إلى المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن وضرورة الاستمرار في التحول الرقمي وتعميمه على كل القطاعات، كما تحدث عن الزيادات الملحوظة في قيمة النفقات الاجتماعية، وأشار إلى توجه الحكومة إلى دعم قطاع السكن بطريقة تجعله مجالا حيويا يساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها الجزائر مؤخرا، مشيرا إلى أن البلاد تسير نحو إقلاع اقتصادي حقيقي.
ووفقا للبروفيسور بريش، فإن الاقتصاد الجزائري، يصنف اليوم كثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا، بفضل نمو مطرد ومستقر في الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 4.2 بالمائة خلال العامين الماضيين، أي ما يعادل 262 مليار دولار. وتوقع البروفيسور، أن يصل النمو إلى 4.5 بالمائة بحلول عام 2025، مما يجعل الجزائر من بين الدول الرائدة في تحقيق ديناميكية اقتصادية ملحوظة. وأوضح أن الجزائر، تمكنت من تجاوز تبعات جائحة كورونا بفضل استراتيجيات اقتصادية محكمة، سمحت للبلاد بالحفاظ على وتيرة نمو مستقرة وتعزيز القطاعات الحيوية. وأشار بريش إلى مجموعة من التحولات الإيجابية التي شهدها الاقتصاد الوطني، منها إعادة تفعيل النشاط الاقتصادي وتكثيف الجهود لتلبية احتياجات المواطنين في مجالات التغطية الاجتماعية والصحية، إلى جانب تفعيل قانون الاستثمار. كما تحدث عن استقلالية الجزائر المالية، مع وصول احتياطي الصرف إلى 70 مليار دولار في 2024، بفضل العائدات المتزايدة من صادرات النفط وبعض المنتجات الأخرى غير النفطية. وأكد أن الاقتصاد الجزائري، يمتلك قاعدة صلبة تؤهله لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، مشددًا على أن برنامج رئيس الجمهورية يستهدف تعزيز هذا الإقلاع لتحقيق اقتصاد ناشئ، مع توقعات ببلوغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 400 مليار دولار بحلول عام 2027.
قرار تجميد استيراد السيارات المستعملة أقل من ثلاث سنوات: إجراء تنظيمي مؤقت
في سياق آخر، تطرق البروفيسور عبد القادر بريش، إلى قرار تجميد تسليم بطاقات ترقيم السيارات المستوردة التي يقل عمرها عن ثلاث سنوات، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يأتي بصفة مؤقتة لتنظيم السوق وحمايته من التلاعبات. وأوضح أن النص القانوني الذي يسمح باستيراد هذه السيارات استُغل بشكل غير صحيح، حيث أصبح العديد من المواطنين يستوردون السيارات بهدف إعادة بيعها بأسعار مرتفعة. وأضاف بريش، أن الجزائر بحاجة إلى مليون سيارة جديدة لتلبية الطلب المتزايد نتيجة التراكمات التي حدثت على مدار السنوات الخمس الماضية. وأشار إلى أن ندرة قطع الغيار في السوق المحلي تشكل عائقًا كبيرًا للمواطنين، إلا أنه شدد على أن هذا الوضع مؤقت. وأكد بريش، أن الجزائر تعيش في إطار اقتصاد السوق، حيث تظل حرية المنافسة مكفولة، ودور الدولة يقتصر على الرقابة والتنظيم، ما يسهم في هيكلة الاقتصاد الوطني ليصبح أكثر قوة وقدرة على منافسة الاقتصادات العالمية.
ملف صناعة السيارات في الجزائر: ضرورة الفصل بين مهام وزارتي الصناعة والتجارة
تطرق البروفيسور بريش أيضًا، إلى ملف صناعة السيارات في الجزائر، مشيرًا إلى أنه أخذ وقتًا طويلًا منذ عام 2016، عندما تم تعليق استيراد السيارات وبدأت محاولة إنشاء مصانع لتركيب السيارات. ورغم ذلك، واجهت هذه المصانع العديد من المشاكل، وصلت إلى متابعة أصحابها قضائيًا بتهم فساد. وأعرب البروفيسور، عن أمله في أن يتم حل هذه المشاكل ببناء قطاع صناعة السيارات على أسس استراتيجية سليمة. وأشار إلى ضرورة الفصل بين مهام وزارة التجارة ووزارة الصناعة فيما يتعلق بالسيارات، مؤكدًا أن السيارات المستوردة يجب أن تكون تابعة لوزارة التجارة لأنها سلعة تجارية، في حين أن السيارات المصنعة محليًا يجب أن تخضع لإشراف وزارة الصناعة. وشدد بريش، على أهمية تنظيم العلاقة بين الوزارتين لتجنب الخلط في الأدوار وتصفية ملف صناعة السيارات، مما يضمن وضوح الرؤية وتحقيق نتائج إيجابية في هذا القطاع الحيوي.
قانون المالية 2025.. حفاظ على القدرة الشرائية وتحفيز التحول الرقمي
وقال بريش، إن قانون المالية لعام 2025 يحمل مجموعة من الإجراءات والتدابير التي تهدف إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وتحفيز التحول الرقمي، إضافة إلى تشجيع الاستثمار. ويأتي هذا القانون في سياق الديناميكية الاقتصادية التي تسعى الجزائر للحفاظ عليها، حيث تم تخصيص ميزانية قدرها 16.794.6 مليار دينار جزائري (حوالي 126 مليار دولار)، مع تخصيص 35 بالمائة منها للتحويلات والنفقات الاجتماعية.
التركيز على دعم القدرة الشرائية
ويأتي مشروع قانون المالية 2025، استكمالاً لجهود الدولة في التكفل باحتياجات المواطنين. وأوضح بريش، أن هذا القانون يستند إلى رؤية استشرافية لتغطية الفترات من 2025 إلى 2027، ما يعزز من قدرة الحكومة على التخطيط المدروس والحيطة في إدارة الموارد المالية. وأضاف بريش، أن الزيادات الملحوظة في النفقات بنسبة 10 بالمائة تهدف إلى حفظ كرامة المواطن، حيث تم تخصيص 35 بالمائة من الميزانية للتحويلات الاجتماعية، ما يعكس التزام الدولة بتكريس الطابع الاجتماعي.
تحديات العجز المالي
ورغم إيجابية هذه التدابير، حذر بريش من احتمالية ارتفاع العجز في الموازنة مستقبلا، مشيراً إلى أن العجز المتوقع في 2025 قد يعادل الإيرادات الجبائية العادية. ودعا المتحدث، إلى ضرورة تنويع مصادر التمويل لتجنب أي مخاطر مالية على المدى الطويل، مؤكدًا على ضرورة توجيه الدعم لفئات محددة لضمان استدامة المساعدات.
التحول الرقمي: أولوية لبناء جزائر جديدة
وأكد النائب بريش، على أهمية الإسراع في وتيرة التحول الرقمي وتعميمه في جميع القطاعات، مشيرًا إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون جعل الرقمنة محوراً أساسياً في بناء الجزائر الجديدة. وأوضح المتحدث، أن هذا التحول نحو حكومة إلكترونية سيعزز من الشفافية والنزاهة، ويؤدي إلى تحقيق السيادة الرقمية. كما سيسهم هذا التحول، في تحسين الخدمات العمومية، من خلال تقديم خدمات سريعة وآمنة وبتكلفة أقل.
تحفيز الاستثمار: خطوة نحو التنمية المستدامة
وجاء قانون المالية 2025 أيضًا، بإجراءات تحفيزية لدعم الاستثمار، حيث سيسمح للخزينة العامة بإصدار صكوك سيادية تمكن الأشخاص الطبيعيين والمعنويين من تمويل المنشآت العامة. كما تم إقرار إعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات على الدخل الناتج عن هذه الصكوك، إضافة إلى إعفاءات أخرى تشمل رسوم التسجيل والإشهار العقاري. كما يعزز القانون، الدعم المقدم للمستثمرين في ولايات الجنوب والمناطق الحدودية، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بتوجيه الأنشطة الاقتصادية نحو المناطق الأكثر حاجة للتنمية.
دعم قطاع السكن أولوية للتنمية الاقتصادية
في مجال السكن، يهدف قانون المالية إلى تحقيق تحدٍ كبير يتمثل في إنجاز مليوني وحدة سكنية. حيث أشار بريش، إلى أن الجزائر تُعد رائدة في مجال توفير السكن للمواطنين بمختلف الصيغ، حيث يحظى قطاع السكن بأولوية في برنامج الرئيس تبون. ويُعتبر هذا القطاع، من أهم المحركات الاقتصادية، إذ يشكل 30 بالمائة من التحولات الاجتماعية، ما يساهم في دفع عجلة التنمية الوطنية.
تعزيز الشفافية.. التزام حكومي
وفيما يتعلق بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، أكد بريش أن الحكومة تلتزم بتقديم جداول تفصيلية عن الإيرادات والنفقات، بما في ذلك الضرائب والرسوم، إلى البرلمان. ويأتي هذا في إطار، تعزيز الرقابة على الميزانية وضمان الشفافية المالية. ويُظهر مشروع قانون المالية 2025، التزام الحكومة الجزائرية بمواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وتحفيز التحول الرقمي، وتوجيه الاستثمار نحو القطاعات الحيوية. ورغم التحديات المالية المتوقعة، تسعى السلطات إلى إيجاد حلول مبتكرة للحفاظ على الاستدامة الاقتصادية والتنمية الشاملة.
السياسات المالية والنقدية هما مفتاح التحكم في الاقتصاد
وأشار بريش، إلى أن سياسة الميزانية تعتبر مسؤولية مباشرة للحكومة باعتبارها الجهاز التنفيذي الذي يعتمد على تقديرات التضخم عند إعداد القوانين المالية. إلا أنه أوضح، أن الجهة التي تملك القدرة على التحكم الفعلي في التضخم هي السلطة النقدية، والتي يمثلها البنك المركزي. حيث قال: “الحكومة تتعامل مع معدل التضخم كمعطى، لكن إدارة التضخم فعليًا تقع على عاتق البنك المركزي الذي يتحكم في أسعار الصرف والسياسة النقدية”. وأوضح بريش، أن الاقتصاد الوطني يعتمد على سياستين أساسيتين للتحكم فيه: السياسة المالية: وتتمثل في قوانين المالية السنوية التي تشمل الضرائب، الرسوم، عجز الميزانية، والدين الداخلي والخارجي، هذه السياسة تلعب دورًا محوريًا في إدارة الاقتصاد على المدى القصيرو المتوسط. والسياسة النقدية: وهي السياسة التي تركز على أسعار الفائدة وتأثيرها على الاستثمار والادخار وسعر الصرف، حيث أكد ذات المتحدث، أن السياسة النقدية هي التي تتحكم في التضخم بشكل مباشر من خلال إدارة الكتلة النقدية وتحديد مدى ملاءمة معدل التضخم للاقتصاد.
تأثير الإجراءات الحكومية على التضخم..
في هذا السياق، أشار بريش إلى أن بعض الإجراءات الحكومية مثل الزيادة في الأجور قد تؤدي إلى زيادة التضخم. حيث قال: “الزيادة المطلقة في الأجور بدون مقابل يمكن أن تؤدي إلى فجوة تضخمية”. وأكد ضيف الموعد، أن السياسة النقدية تظل الأداة الأهم للتحكم في التضخم، رغم أن الحكومة تقوم ببعض التدخلات من خلال قانون المالية.
تفاصيل ميزانية الدولة.. التركيز على نفقات المستخدمين
كما تطرق بريش، إلى تفاصيل ميزانية الدولة لعام 2024 التي بلغت 16.794.6 مليار دينار، أي ما يعادل 125 مليار دولار، مشيرًا إلى أن ميزانية التسيير زادت بنسبة 9.9 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة. وأوضح أن نفقات المستخدمين ونفقات التحويل تمثل حوالي 80 بالمائة من الميزانية العامة، بينما تم تخصيص 18 بالمائة من الميزانية لمشاريع الاستثمار، وهو ما يعكس انخفاضًا مقارنة بالسنوات السابقة حيث كانت هذه النسبة تصل إلى 30 بالمائة.
التغيرات في ميزانية الاستثمار..
وأشار ذات المتحدث، إلى أن ميزانية الاستثمار في السابق كانت تركز على مشاريع كبيرة مثل الطرق والبنى التحتية التي تتطلب تخصيصات مالية ضخمة. أما اليوم، فإن التركيز بات منصبا على نفقات التسيير التي تشمل المستخدمين والمصالح العامة والتحويلات. وشدد بريش، على أهمية متابعة هذه النفقات بشكل دوري لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين. واختتم عبد القادر بريش مداخلته، بالتأكيد على ضرورة مواكبة التغيرات الاقتصادية من خلال تحديث السياسات المالية والنقدية باستمرار، لضمان استقرار الاقتصاد الوطني وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين. وأشار إلى أن التوازن بين نفقات التسيير ومشاريع الاستثمار، هو عامل حاسم في تحقيق هذا الهدف.
محمد بوسلامة / إيمان عبروس / زهير حطاب