تتصدّر الأواني الفخارية عرش الطاولات الرمضانية، حيث تفضّل العديد من العائلات الجزائرية خلال شهر رمضان استعمال الأواني الفخارية والطينية في إعداد وتقديم شتى المأكولات لإعطاء طاولة الإفطار لمسة تقليدية، خاصة أنها أضحت متوفرة في كثير من نقاط البيع.
صحة وديكور
فعلاوة على قدر الفخار الأرجواني الخاص بطبق الشوربة الذي تحرص الجزائرية على اقتنائه كل سنة، تتهافت النساء أيضا على الأواني الفخارية الأخرى المصنوعة كذلك بالطين الأبيض على شكل طواقم تضم عدة أطباق خاصة بالسلطة والطبق الرئيسي وحتى المقبلات.
وتقول بعض النسوة إنهن تفضلن اقتناء أواني فخارية لأنهن سمعن كثيرا عن ضمانها لأكل صحي من جهة، ولإعطاء مائدة رمضان ديكورا تقليديا أصيلا من جهة أخرى.
من جانبه، أكد أحد بائعي الأواني على مستوى سوق “الجواجلة” بأولاد يعيش أن الأواني الفخارية تعرف في الآونة الأخيرة رواجا كبيرا في أوساط النساء، مضيفا أنه يقوم بالترويج لها وببيعها بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويلاحظ أن العديد من صفحات شبكة التواصل الاجتماعي على غرار الفايسبوك، تهتم بالطبخ والديكور ونشرت في الآونة الأخيرة فيديوهات لعرض مختلف المنتوجات الفخارية المصنوعة محليا، وحتى تلك المستوردة لحمل العديد من المتتبعات والزبائن على اقتنائها.
وفي هذا السياق، ذكر أحد بائعي هذه المنتوجات من بلدية حمام ملوان الجبلية التي تشتهر بصناعة الأواني الفخارية، ويملك صفحة على الفايسبوك، أن منتوجاته أضحت تلقى اهتماما كبيرا من طرف الزبائن في الآونة الأخيرة بفضل الاعتماد على الترويج لها عبر الصفحة التي لجأ إليها لمواكبة العصر، وللحفاظ على حرفة الأجداد المتأصلة من خطر الاندثار.
وقال إنه يحرص على عرض كل منتوج جديد له على الصفحة، ويقوم بتوصيله إلى غاية باب الزبون بفضل خدمة التوصيل المجاني التي يضمنها للقاطنين بالولايات المجاورة، بالإضافة إلى تقديم بعض النصائح عن كيفية استعمال منتوجاته لأول مرة لتفادي انكسارها.
وللأواني المصنوعة من الطين الأبيض عشاقها
من جهتها، أكدت الحرفية التشكيلية في فن الزخرفة والخزف رشيدة فروج إقبال فئة من الزبائن على الأواني الفخارية المصنوعة من الطين الأبيض التي أضحت تلقى رواجا في الآونة الأخيرة بفضل جمالها شكلا ولونا.
مراحل الصناعة
أشار الحرفيون المهتمون بصناعة الفخار إلى مراحل إعداد هذه المنتوجات، بدء من العجن الجيد لمادة الطين الأبيض المستوردة مرورا بطهيها في فرن لا تقل درجة حرارته عن 1200 درجة، وصولا إلى منتوج خام تضاف له رسومات وأشكال يدويا لتزيينه، مؤكدين أنه رغم المراحل المتعبة التي تمر بها الآنية الفخارية “إلا أنها تحظى برضى واستحسان الزبون عند اقتنائها”.
واعتبروا أنه بالرغم من ظهور عدة أنواع للطين على غرار الأبيض والرمادي المستوردة (غير متوفرة في السوق المحلية)، إلا أن الإقبال يكثر خلال شهر رمضان على الأواني الفخارية المصنوعة من الطين الأحمر الأرجواني لارتباطها بتقاليدنا وأصالتنا ولفوائدها الصحية أيضا.
وأضافت رشيدة فروج أن “طاجين الفخار” الأرجواني الخاص بتحضير الخبز التقليدي أو ما يطلق عليه محليا “خبز المادون” يبقى خير مثال على ذلك، باعتبار أنه يتصدر المبيعات لما له من وقع خاص لدى العائلات البليدية التي لاتزال الكثير منها تحافظ على تحضير خبز الدار في الطاجين بدلا من اقتنائه من المخابز العصرية كل شهر رمضان.
ونظرا لفوائده الصحية، ينصح العديد من المختصين في التغذية العلاجية بالعودة لاستخدام الأواني الفخارية لفوائدها الطبيعية المتعددة خاصة بعد تأكد علاقة ظهور عدة أمراض سرطانية باستعمال أواني بلاستيكية وأخرى من الألمنيوم والسليكون وغيرها.
وفي هذا الصدد، عدّد الدكتور إسماعيل شيليبان فوائد هذه الأخيرة والتي من بينها، كما قال، ضمان أكل صحي محافظ على قيمته ومكوناته الغذائية من أملاح ومعادن، وذلك لأن الطعام يطهى على نار هادئة، علاوة على أن البخار يساعد في التقليل من استخدام الزيت أو السمن.
كما تساهم مادة الفخار التي تعد مادة طبيعية ولا تفرز موادا سامة جراء تعرضها للحرارة في تعديل نسبة حموضة الدم في الجسم، إضافة إلى إعطاء الطعام نكهة خاصة.
وحبذ المختص العودة إلى استخدام الأواني الفخارية في الطبخ لأنها، كما أضاف، تساعد على منع ظهور عدة أمراض كهشاشة العظام ونقص الكالسيوم والالتهابات المنتشرة بكثرة في وقتنا الحالي.
ق. م