تزايد اهتمام الوزارة بها لتعزيز المرجعية الدينية

المدرسة القرآنية.. مطلب الأولياء المتزايد

المدرسة القرآنية.. مطلب الأولياء المتزايد

تشهد معظم المدارس القرآنية تزايد إقبال الأطفال عليها سنة بعد أخرى، سواء للتعليم التحضيري أو القرآني أو الاثنين معا، حيث صارت العائلات الجزائرية أكثر اهتماما بإلحاق أطفالها بهذه المدارس التي صارت أكثر انتشارا، حيث لم تعد القاعات الرياضية والمراكز الثقافية القبلة الوحيدة للأسر الراغبة في تأطير أبنائها وشغل أوقاتهم خارج أوقات المدرسة.

ناهيك عن اهتمام الوزارة الوصية بها، بعدما ارتفع الطلب على هذا النوع من التعليم الذي قررت الحكومة في مخطط عملها تعزيزه في إطار استراتيجيتها المتعلقة بتعزيز المرجعية الدينية الوطنية وتكريس الهوية الدينية.

وفي ظل الآفات والانحرافات السلوكية التي أصبح المجتمع يتخبط فيها ويعيش على وقعها الكثير من الأطفال، يسعى الأولياء إلى إيجاد الحلول لوقاية أطفالهم من مخالب الآفات التي تحيط بهم، وهو ما دفعهم للتعليم القرآني، بحيث أصبح تسجيل الأبناء في المدارس القرآنية سواء في العطلة أو خلال السنة الدراسية تقليدا سنويا، وتكون هذه المدارس عادة تابعة للمساجد.

التعليم القرآني أوصلها إلى صدارة المتفوقين

تحصلت شعيب آية وصال على معدل 19.27، وهو الأعلى وطنيا في شهادة البكالوريا لدورة جوان 2021، وهي خير مثال لجيل المتفوقين الذين كانت أولى خطواتهم التعليمية نحو مدرسة قرآنية ومسجد الحي. وحول هذا الموضوع قالت والدتها السيدة منانة شعيب إنها حرصت على مبدأ التعليم القرآني في تربية أبنائها على ملازمة كتابة الله، فوصال بدأت في حفظ القرآن وتعلمه لساعة يوميا بين العصر والمغرب بمسجد الحي. وكانت سريعة الحفظ وأصبحت تتقن اللغة العربية نطقا وكتابة وتعبيرا، قبل أن تلتحق بمدرسة قرآنية في الطور الثانوي غير أنها انقطعت بعد غلق المدرسة في إطار مكافحة انتشار كوفيد 19. حتى أصبح شغف ختم القرآن حفظا وترتيلا يلازمها إلى اليوم.

براعم المدرسة القرآنية.. التفوق في المدرستين غايتنا

عبّرت السيدة فريدة (أم لأربعة أطفال) عن فخرها الكبير بإقبال كل من ابنتيها “آلاء وهند “وطفلها إسحاق على المدرسة القرآنية التابعة لمسجد “الرحمن” ببراقي، لتعلّم القرآن الكريم، وهو ما ساعدهم – حسبها – على تحسين وتطوير مستواهم الدراسي، بالأخص في قواعد اللغة العربية، وقالت إنها في الأول كانت مترددة بسبب تخوفها من عدم قدرة أبنائها على التوفيق بين دراستهم في المدرسة وبين حفظهم للقرآن الكريم في المدرسة القرآنية خاصة بعد التخلي عن نظام التفويج، لكنها تغلبت على ترددها ولم تندم على ذلك.

وقد أجمع عدة براعم من بينهم بشير ومنصف على أنهم التحقوا بالمدرسة القرآنية منذ أن كانوا في قسم التحضيري وهو ما سمح لهم بحفظ ما تيسر من كتاب الله، ونفس الأمر بالنسبة لـ “محسن” “أميمة” و “سيرين”، الذين أكدوا على مداومتهم على حضور الدروس بالمسجد، ورغبتهم الكبيرة في إسعاد أوليائهم الذين طالما شجعوهم على ذلك، موجهين الدعوة لأترابهن من فئتي الذكور والإناث، للالتحاق بالمدارس القرآنية.

مقررات موحدة وقانون خاص للتعليم القرآني

تعمل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف حاليا على تجسيد مخطط عمل الحكومة في شقه المتعلق بتعزيز المرجعية الدينية وشبكة التعليم القرآني، بعدما أعدت مقررات موحدة للتعليم القرآني شُرع العمل بها ابتداء من الموسم الدراسي الماضي.

وكشف مدير التعليم القرآني بوزارة الشؤون الدينية والاوقاف مياد مسعود أن المقرر الموحد للتعليم القرآني لفئة الأطفال متوفر في جميع الولايات، ويشمل مستويين أولهما مستوى 4-5 سنوات والثاني مستوى 5-6 سنوات، وتوفر المقررات الجديدة المتمثلة في كتاب التربية الإسلامية ودفتر النشاطات.

وقال مياد مسعود إن الجزائر تحصي ما يقارب مليون طالب في التعليم القرآني في الجزائر في خمس فئات، وهي الأطفال بما يقارب 300 ألف طفل، المتمدرسين بما يقارب 500 ألف متمدرس، محو الأمية بما يقارب 70 ألف، الكبار بما يقارب 40 ألف، والمتفرغون من طلبة المدارس القرآنية والزوايا من المتخرجين بـ 30 ألف منهم طلبة أجانب.

كما ستعمل الوزارة على تعزيز هياكل التعليم القرآني بما يخدم المرجعية الوطنية من خلال إجراءات عملية ملموسة، ومن ضمن ذلك أودعت الوزارة لدى الأمانة العامة للحكومة مشروع القانون الأساسي للتعليم القرآني ينظم المدرسة القرآنية سواء كانت تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف أو الجمعيات، يتمخض عنه دفاتر شروط لمنح ترخيص للتعليم القرآني والنشاط القرآني وفتح فضاءات التعليم القرآني.

ويلزم على المعنيين الخضوع للشروط المنصوص عليها، حيث يمنح القانون وزارة الشؤون الدينية سلطة التفتيش على التعليم القرآني والتي تفتقر إليها حاليا وكذا سلطة التقييم وقوائم المتعلمين.

 

جمال غول: “الواقع يؤكد أن تلاميذ المدارس القرآنية متفوقون دراسيا”

اعتبر جمال غول، رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، أن تربية النزعة الدينية في الطفل والميول للمسجد وتعليمه اللغة العربية تشكل أهم الدوافع التي رفعت من نسب الإقبال على التعليم القرآني، كما أن تفوق التلاميذ الذين درسوا في بدايات مسارهم التعليمي في المدارس القرآنية على غرار الفائزين الأوائل في شهادة البكالوريا يؤكد أهمية التعليم القرآني بداية من سن مبكرة، وهو ما قالته دراسات غربية أثبتت دور القرآن في تعزيز الذاكرة.

وقال غول إن التعليم القرآني وعلى أهميته يفتقد للهياكل اللازمة، والموجودة في أغلبها أنجزها المحسنون، مع استمرار نقص التأطير البشري الذي يعتمد على المتطوعين خاصة النساء، حيث لا يزال التعليم القرآني يسير بطريقة تقليدية وراثية، بينما يحتاج إلى مناهج وكتب ورقية وإلكترونية، وأكد أنه لا يمكننا العمل بوسائل قديمة للعناية بالتعليم القرآني على الوجه المطلوب، وهو الذي يشكل حصنا لمتلقيه فينمي في الطفل النزعة الدينية والميول للمسجد والحد بين المسموح والممنوع، خاصة في المراحل المستقبلية، وفي سياق حديثه عن منافع التعليم القرآني للأطفال، زيادة على تعليم الطفل الأخلاق وكسب الأولياء الأجر التعبدي مع طفلهم، فإن الواقع يؤكد أن تلاميذ المدارس القرآنية متفوقون دراسيا، بالنظر إلى أن التعليم القرآني يساعد الطفل كثيرا على اكتساب نصيب وافر من الكلمات في اللغة التي سيتكون فيها، داعيا إلى وضع مناهج موحدة للتعليم القرآني تعتمد في كل ولايات الوطن .

ودعا المتحدث إلى تقنين التعليم القرآني في المساجد والمدارس القرآنية والزوايا بما يصنفه خدمة عمومية ويؤهل مؤسساته لإصدار الشهادات العليا ليستفيد منها أبناء الجزائر ذكورا وإناثا في مختلف المستويات تحصينا لهم من جميع الآفات، كما يمكنهم من ولوج أبواب الحياة المختلفة التعليمية والمهنية وتكريما لشيوخ التعليم القرآني عبر مختلف العصور.

لمياء. ب