لا ترتبط الجزائر بالقارة الإفريقية من خلال الحتمية الجغرافية وحسب، فالموروث الثقافي المشترك، ساهم أيضًا في نسج أواصر بين إفريقيا والجزائر، التي تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من نسيج هذه القارة. وتحت عنوان “الجزائر بوابة
إفريقيا”، يتواصل حتى 2 جانفي المقبل بقاعة محمد راسم بالجزائر، معرض يضمُّ 62 لوحة تشكيلية و8 منحوتات، لثلاثة فنانين هم: التشكيلي عمر إدريس لمين دقمان، والنحاتَين طاهر هدهود وعبد الحكيم بوشاقور.
وأكد الفنانون المشاركون أنّ اختيار “الجزائر بوابة إفريقيا”، ليكون عنوانًا جامعًا لهذه الفعالية، جاء للتعبير عن عودة الجزائر إلى حضنها الإفريقي، بعد أن عزلتها عنه سنوات الإرهاب التي عاشتها خلال تسعينات القرن الماضي.
وتشترك الأعمال المعروضة في خصوصية تعبيرها عن هذا البعد الإفريقي الذي يظهر جليًا من خلال اللوحات التشكيلية والمنحوتات، ما أنشأ تناغمًا عبّر بصورة جيّدة عن المخزون الثقافي والرمزي المشترك بين إفريقيا والجزائر.
وعلى هامش المعرض، قال عبد الحكيم بوشاقور، في تصريح لوكالة الأنباء العمانية، إنّ منحوتاته الثلاثة الأولى (وجه لإفريقيا)، “تزاوج بين الوشم الإفريقي والرموز الموجودة في التاسيلي بالصحراء الجزائرية”، للتعبير عن قساوة الطبيعة الإفريقية، لكنّ منحوتته الرابعة، التي تحمل عنوان “الحنين”، تمثل تكملة للّوحات الأولى، من حيث كونها تُعبّر عن الإحساس والمشاعر الطيّبة، غير الظاهرة، للمواطن الإفريقي، الذي لطالما نُظر إليه، على أنّه كائنٌ قاسٍ.
أمّا النحّات طاهر هدهود، فحاول التعبير من خلال منحوتاته الأربع، عن الرقص وبعض العادات الإفريقية. وعبر 62 لوحة، سافر التشكيليُّ عمر إدريس لمين دقمان، بزوّار المعرض، لاكتشاف مدى الثراء الذي يُميّز العادات والثقافة الإفريقية، إلى درجة أنّ الأوروبيين أصبحوا يستوحون منها الكثير من أعمالهم الفنية.
ومن أجل استرجاع بعض الطقوس الإفريقية المندثرة، شكّل دقمان، لوحات تعبيرية بألوان حارة وباردة، تُمثّل الطبيعة الإفريقية، حاول من خلالها تخليد الرقص الإفريقي القديم، وكذا طرق المعيشة وبعض العادات والتقاليد التي اندثرت بسبب التطوُّرات التي شهدتها القارة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا المعرض، يُعدُّ سابقة من نوعه، حيث أقدم المشاركون فيه على التعبير عن موضوع واحد، ولكن بأساليب مختلفة، مزجت بين التشكيل والنحت، الذي يشهد عزوفًا من قِبل الفنانين، نظرًا لكون الجزائر لا تتوفر على ورشات كافية لممارسته، ناهيك عن غلاء الأدوات المستخدمة فيه مثل الرخام والخشب وغيرهما، فضلا عن قلّة قاعات العرض المتاحة.