مصاريفها وصلت إلى أكثر من 5000 دج شهريا , “الدروس الخصوصية”.. على مدار العام وتزداد فترة الإختبارات

مصاريفها وصلت إلى أكثر من 5000 دج شهريا , “الدروس الخصوصية”.. على مدار العام وتزداد فترة الإختبارات

يتفق الجميع على استفحال ظاهرة الدروس الخصوصية وتصاعدها والتي صارت مهنة يحترفها المربون في الفضاء الموازي، داخل غرف بيوت المربين الخاصة أو في المستودعات تحت أسقف لا تتوفر على أدنى شروط الراحة، رغم ما تعرضت له هذه الدروس من انتقادات الأسرة التربوية سواء الأساتذة أو الأولياء الذين حذروا بشدة من المضاعفات التي قد تنعكس آثارها السلبية على التلاميذ خاصة على صعيد تحصيلهم العلمي، قد باتت تشكل خطرا على مستقبل بلدنا.

 

الأولياء مستاؤون ومجبرون

بمرارة كبيرة، تحدث لنا “سليمان. ص” تاجر الهواتف النقالة ببلفور، عن تجربته مع الدروس الخصوصية، موضحا بأنه تعرض لاحتيال كبير من خلال ابنه الذي يدرس في السنة الثانية متوسط، حيث وأمام تدهور مستواه لم يجد سوى الدروس الخصوصية لإنقاذ ابنه، غير أنه “وبالرغم من دفعي 3000 دج شهريا، فالأمر لم يتغير وبقي ابني ضعيفا، وانتهى العام الدراسي ورسب ابني الذي أصبح اليوم معقدا من الدراسة، وهو يسير نحو الانسحاب نهائيا لتأكيده عدم استعداده لمواصلة الدراسة”.

أما سيد علي .ع، فقد روى ما تكبده من خسائر في الدروس الخصوصية من أجل إنقاذ أبنائه وتأمين المستقبل لهم، غير أن الخطة باءت بالفشل، وعرفت النهاية خروج أبنائه من المدرسة، ليس لتدني مستوى الأساتذة ولكن لتغير السلوك عند التلاميذ، الذين باتوا لا يرغبون في الدراسة منذ سنوات، وهو ما يدعو للحيرة فعلا.

وبالمقابل، تحدث بعض الأولياء عن قبول إجراء الدروس الخصوصية في مستويات معينة، على غرار شهادة البكالوريا وشهادة التعليم الأساسي، من أجل حصول أبنائهم على الشهادة التي تسمح لهم بالانتقال إلى مستويات عليا، مثلما هو عليه الحال “عبد العزيز. ر” أكد بأنه رفض مساعدة ابنه في الدروس الخصوصية حتى وصوله إلى السنة ثالثة ثانوي، لأنه كان مقبلا على شهادة البكالوريا، فقمت بتسديد مصاريف الدروس الخصوصية التي وصلت إلى 5000 دج شهريا، بالنظر للظروف الجيدة التي كان يستفيد منها ابني، فالأساتذة الذين كانوا يمنحون الدروس كانوا ينتقون التلاميذ وفقا لمستواهم من أجل إنجاحهم، وهو ما تم، فقد نال ابني البكالوريا بتقدير قريب من الجيد والتحق بمعهد الإعلام الآلي.

وتقاطع معظم الذين تحدثنا معهم بأنهم يعانون كثيرا من أجل توفير مبالغ الدروس الخصوصية، التي ترتفع من سنة لأخرى بالنظر لكثرة الإقبال عليها، حيث أصبح الأساتذة يفرضون منطقهم ويرفعون أسعار الدروس الخصوصية، التي وصلت في مناطق معينة مبالغ تصل إلى أكثر من 10 آلاف دينار للشهر مقابل بعض السويعات من الدروس.

 

المال مقابل النجاح

أكدت لنا المختصة في علم النفس سعاد.ح أن مسألة الدروس الخصوصية حساسة جدا، ويجب التعامل معها بجدية، فالأولياء مطالبون بتوجيه أبنائهم نحو الدروس التدعيمية التي تقدمها المدارس، أما الدروس الخصوصية التي يقدمها أساتذة فتعتبر قضية أخرى ومتشابكة الخيوط، فإثبات التهمة على تجاوزات الأساتذة في هذا الشأن صعبة ويجب أن نأخذ القضية من الجانب الايجابي. في حين أشار لنا طارق.م أحد الأساتذة في ثانوية المتقنة بالرويبة إلى الظروف الصعبة التي يعيشها الأستاذ، فأجرته الشهرية لا تكفي لسد حاجياته، وعليه وجد في الدروس التدعيمية الملاذ الوحيد لتقديم خدمات للتلاميذ مقابل بعض الأموال، التي تسمح له باستكمال مصاريف الشهر، فالواقع اليوم يعرفه الجميع. ورفض نفس المتحدث، في حديث لـ “الموعد اليومي” أن تُؤخذ زاوية الدروس التدعيمية من الناحية السلبية، فالأستاذ يضّحي بوقته الخاص بالراحة من أجل تلك الدروس، ولو كان المستوى المعيشي جيدا لما لجأ أي جزائري إلى التضحية بوقته في الراحة.

ومن الجانب الاجتماعي، قال لسلوس.ك المختص في علم النفس التربوي بأن هذه الدروس التدعيمية أصبحت ظاهرة اجتماعية، من خلال التسابق بين الأسر لتعليم أبنائهم، وهي ظاهرة صحية، تؤكد تطور الوعي لدى الأسرة الجزائرية، من خلال التفكير في مستقبل أبنائها وتجاوز نظرة توفير وسائل العيش، وبالمقابل طالب السيد لسلوس منح المدارس للأساتذة بعد أوقات التدريس للقيام بالدروس الخصوصية، مع دفع مقابل الساعات الإضافية ومنه نفادي الانزلاقات، التي يمكن أن تحدثها تلك الدروس التي تبقى إيجابيتها كثيرة.

 

الدروس الخصوصية ضرورية لتحقيق المستوى

تحولت دروس الدعم والتقوية في الكثير من الأحيان إلى مصدر قلق يزعج الآباء ويثقل كاهلهم بنفقات إضافية تفرغ جيوبهم لأنها صارت ضرورية لدى البعض خاصة بالنسبة لتلاميذ الطورين الإكمالي والثانوي، وبات المعلم والأستاذ في قفص الاتهام توجه له تهمة الجشع والانتهازية، وتفضيل الدروس الخصوصية على اتقان واجبه المهني، ينظر إليه من طرف البعض بعين الريب حيث لا يستنفد كل قواه لأنه يباشر بعد الدوام عمله الثاني الذي يدر عليه أموالا إضافية من شأنها أن ترفع عنه الغبن وتخفف عنه لفح تدهور القدرة الشرائية. فيراها البعض موضة العصر ويراها البعض الآخر بالفعل أن تغيير البرنامج الدراسي لرفع المستوى الدراسي وصعوبة المقررات المدرسية الراهنة في نظر الكثير من المختصين والأولياء هي من شجعت تكريس ضرورية وإجبارية الدروس الخصوصية. حسب ما قاله لنا لسلوس.ك ان صعوبة المقررات والبرامج الدراسية التي حسبه سترشح لأن تصبح الدروس الخصوصية في مسار واحد تسري بشكل موازي إلى جانب التحصيل العادي في المدارس، وتأسف كون التلاميذ الميسورين الحال فرضوا تكريس هذا المنطق بإقبالهم الكبير وساهموا في رفع أسعار هذه الدروس وشجعوا المربين على تنظيمها، واعترف الكثير من الأساتذة يديرون أرباحا على المنتظم في تقديمها، حيث كشف أن أستاذة في اللغة الإنجليزية وزوجها أستاذ في مادة الرياضيات في الطور الثانوي مارسا هذا العمل الإضافي لعدة سنوات وتمكنا من اقتناء شقة مجاورة لشقتهما، وبعدها خصصاها لتقديم الدروس الخصوصية وتحولت إلى مدرسة خاصة صغيرة تفتح أبوابها بعد الدوام وأيام العطل الأسبوعية وتنشط في الخفاء بعيدا عن أعين الرقابة الجبائية والتربوية.

ق.م