نحو حياة زوجية سعيدة

نحو حياة زوجية سعيدة

الأسرة أساس بناء المجتمعات، وهذه الأسرة نواةُ بنائها الزوجان، ففي الزواج عمار الكون وسكن النفس ومتاع الحياة، بقيامه تنتظم الحياة ويتحقق العفاف والإحصان، يجمع الله بالنكاح الأرحام المتباعدة والأنساب المتفرقة. وَعَدَ الله فيه بالغنى والسعة في الرزق قال تعالى: ” إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ” النور:32. وفي اختيار لبنة النكاح تتسع الآفاق. وتصبح هموم الزوجين عديدة ومتشعبة، ولكن حسن العشرة وطيب المودة يبددها، ” وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ” النساء:19. في الأسرة عتاب ومودة، سخط ورضا، والرجل يرفعه الأدب ويزكيه العقل، يضع من المودة أعلاها ومن المحبة أسماها، يعفو عن الخطأ ويتجاوز عن الزلل، والمرأة خلقت من ضلعٍ أعوج، وبمداراتها والصبر على ما يكرهه منها تستقيم الأمور، يقول صلى الله عليه وسلم : “استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرتَه، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً” متفق عليه.

ومن كَرُم أصله لان قلبه، وزوجتك هي حاملة أولادك، وراعية أموالك، وحافظة أسرارك. اخفض الجناح معها، وأظهر البشاشة لها، فالابتسامة تحيي النفوس وتمحو ضغائنَ الصدور، والثناء على الزوجات في الملبس والمأكل والزينة جاذب لأفئدتهن. والهدية بين الزوجين مفتاح للقلوب، تُنبئ عن محبة وسرور، والتبسط معها ونبذ الغموض والكبرياء من سيما الحياة السعيدة، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي – أي في الأنس والسهولة – فإن كان في القوم كان رجلاً”. وكن زوجاً مستقيماً في حياتك تكن هي بإذن الله أقوم، ولا تمدن عينيك إلى ما لا يحل لك، فالمعصية شؤم على بيت الزوجية. وكن لزوجتك كما تحب أن تكون هي لك في كل ميادين الحياة، فإنها تحب منك كما تحب منها، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “إني أحب أن أتزين للمرأة؛ كما أحب أن تتزين لي”. واستمع إلى نقد زوجتك بصدر رحب وبشاشة خلق، فقد كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه في الرأي فلا يغضب منهن. ومن علو النفس أن لا يأخذ الزوج من مال زوجته شيئاً إلا برضاها وطيب نفس منها؛ فمالها مِلْكٌ لها، وأحسِن إليها بالنفقة بالمعروف ولا تبخل عليها، وتذكر أن زوجتك تود الحديث معك في كثير من أمورها فلا تحرمها سماعك، فهذا من كمال الخلق. ولا تعُد إلى دارك كالح الوجه عابس المحيّا؛ فأولادك بحاجة إلى عطفك وقربك وحديثك؛ فألن لهم جانبك؛ وانشر بين يديهم أبوتك؛ ودعهم يفرحون بتوجيهك وحسن إنصاتك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ابنته فاطمة قال لها: “مرحباً بابنتي”، ثم يجلسُها عن يمينه أو شماله. رواه مسلم. والحنوُّ على أهل البيت شموخ في الرجولة، يقول البراء رضي الله عنه : دخلتُ مع أبي بكر رضي الله عنه على أهله فإذا ابنته عائشة مضجعة قد أصابتها حمى، فرأيت أباها أبا بكر يقبل خدها ويقول: كيف أنت يا بنية؟ رواه البخاري. والقيام بأعباء المنزل من شيم الأوفياء، قيل لعائشة رضي الله عنها: ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ قالت: “كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه”. رواه أحمد.

من موقع الالوكة الإسلامي