برزت، مؤخرا، في السوق الجزائرية، العديد من تطبيقات الهاتف الذكي مثل: يسير، لحقني، وصلني وvit vit وغيرها من التطبيقات التي تنشط في الجزائر العاصمة،
وتعمل على توفير سيارة أجرة خاصة في المناطق المعزولة التي تعاني من نقص النقل كالمدينة الجديدة لسيدي عبد الله، شراقة وغيرها، إلا أن هذه التطبيقات وأصحابها خلقت الكثير من الجدل في أوساط قدماء المهنة وأهل القانون.
منذ أكثر من سنة تصدرت تطبيقات يسير شاشات هواتف الجزائريين مقدمة لهم العديد من الإغراءات والتخفيضات لتوصيلة إلى العديد من المناطق وفي أي وقت من اليوم بفضل كبسة زر على الهاتف التي فكت العزلة عن العديد من المناطق.
تذمر في أوساط سائقي الأجرة.. والقانون لا يحمي المغفلين
وعن هذه التجربة كان لنا حديث مع أحد السائقين الذي خاض تجربة العمل مع هذه الشركات، حيث صرح لنا السائق “سمير.ع” الذي يشتغل لأزيد من 10 سنوات في المجال، فهو سبق وأن خاض تجربة العمل مع شركة يسير، وأمضى عقد عمل لمدة سنة في 2019، يضيف أن عقد العمل هذا تضمن العديد من المواد التي تحدد هامش ربح المؤسسة والمقدر بـ 20 %، أما فيما يخص شروط العمل، فأوضح محدثنا أن الشركة تشترط علينا نظافة السيارة، حسن معاملة الزبون، حسن الهندام وخاصة احترام عامل الوقت الذي يعد العنصر المعتمد في هذه التطبيقات، ويعود سبب توقفه عن العمل مع هذه الشركة على حد قوله إلى الانتهازية والاستغلال وهمّها الوحيد هو الربح على حسابنا وحتى لا نعرف من المسؤول عن هذه الشركات، فعلى حد تعبيره السائقون المتعاقدون مع هذه الشركات لا يحصلون على حقهم كما يجب، فهم يتحملون جميع المصاريف المتعلقة بالسيارة وبطبيعة الحال الأرباح المتحصل عليها لا تغطي هذه المصاريف وما على الشركة سوى جلب الزبون فقط، علاوة على هذا يضيف محدثنا أن السائق غير محمي قانونيا، فالشركة لا توفر له رخصة النشاط من طرف وزارة النقل، ولا يوجد أي وثيقة قانونية تحميه أمام الجهات الوصية، فهو معرض لسحب الرخصة وحجز السيارة في حالة مصادفة أعوان الأمن باعتباره “كلونديستان يعمل بتطبيق هاتف”. كما أن الشركة لا تحمي السائق في حالة تجاوزات من قبل الزبون، فهم يشددون على إلزامية اصطحاب الزبون في أية حالة كان، ويصادف العديد من سائقي الأجرة أشخاصا في حالة سكر أو متعاطين لمحظورات وهو ما يشكل خطرا على السائق وممتلكاته، وبطبيعة الحال لا يحق للسائق رفض التعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص وبالمقابل لا تعير الشركة أي اهتمام لهذا الوضع، فهي تسبّق الربح على سلامة سائق الطاكسي.
شهادة أخرى دعمت هذه الأقوال من سائق أجرة خاص “كلونديستان” السيد “محمد. م” الذي يزاولها بين الحين والآخر في ساحة أول ماي، فهو يرفض تماما العمل مع مثل هذه الشركات لأن هدفها الوحيد هو الربح على حساب حق السائق ولا تكفل له أية حماية أو وثائق رسمية للعمل، فهو يفضل العمل لحسابه الخاص وضمان حقه المالي.
أما السيد “مولود. ر” وهو سائق أجرة معتمد يعمل لأكثر من 15 سنة يعارض تماما هذه الفكرة لأنها على حد قوله “زاحمتنا” وتسببت في نقص الإقبال وأصبحت مهنة من لا مهنة له مع عدم مراعاة الحالة النفسية والعقلية للسائق، فنحن خضنا العديد من الامتحانات من أجل الحصول على الرخصة، وننشط وفق رقم خاص بالسيارة، فبإمكان أي شخص اللجوء للشرطة في حالة مخالفة، لكن مثل هؤلاء الأشخاص يسعون لربح المال من دون أدنى احترام لشروط المهنة، ونحن جميعا نتساءل عن ردة فعل وزارة النقل إزاء هذه الشركة، كما نحمّل المسؤولية للمواطنين الذين يقبلون على استعمالها دون أي تساؤل عن الجهة العاملة.
توصيلة على السريع وعروض مغرية
كان للمواطنين رأي آخر، فالكثير يحبذون اللجوء لهواتفهم في أي وقت من أجل طلب توصيلة واشتراط جنس السائق، وللتفصيل أكثر، التقت “الموعد اليومي” بعينة من المواطنين الذين يداومون على استعمال مثل هذه التطبيقات، وهو ما أكدته الآنسة
“مريم. ب” موظفة في قطاع خاص، تقطن بأولاد فايت وتزاول عملها بالجزائر وسط، فطبيعة عملها تجبرها في الكثير من الأحيان على الخروج في ساعات متأخرة مساءا ومثل هذه التطبيقات سهلت لها الكثير من تنقلاتها مساءا وصباحا، فهي بالنسبة لها توفر الكثير من الوقت، كما أن تسعيرتها مناسبة مثلها مثل أي طاكسي وأصبح التنقل في العاصمة وخاصة في الأماكن التي تعرف نقصا في سيارات الأجرة يتم بكل سهولة وأريحية، وتضيف محدثتنا أنها تشعر بالراحة واحترام لخصوصيتها مع السائق عكس ما كانت تشهده من قبل الذين يتطفلون كثيرا عليها، وهو ما يسبب انزعاجا لها، كما أن السائق هو من يحدد وجهتك في الكثير من الأحيان تحججا بزحمة السير، وتضيف أنها تشجع على تعميم هذه التطبيقات في كل أنحاء العاصمة، وهو الرأي الذي شاطرها إياه السيد “أيمن. ف” الذي يحبذ استخدام زوجته لهذه التطبيقات التي استغنت من خلالها تماما عن السائقين التقليدين للأجرة، فبإمكان زوجته على حد قوله اختيار امرأة سائقة بدل رجل، وهو ما يشعره بالاطمئنان عليها، كما أن هذه التطبيقات تحترم الوقت وتحدد التسعيرة مسبقا.
أما السيدة “فتيحة. ع” وهي ربة بيت كان لها رأي آخر، فهي لا تحبذ هذه الفكرة إطلاقا وتلجأ دائما إلى السائقين المعروفين في حيها، فهي لا تشعر بالأمان مع سائق مجهول وحتى سيارته لا تحمل علامة “طاكسي”، فالأمان بالنسبة لها أهم من السعر الزهيد.
وللقانون رأيه
وكان لرجال القانون رأي آخر للتعليق على هذه القضية، فهذه الشركات تنشط بصفة قانونية وعادية، حسب ما ينص عليه القانون التجاري الجزائري، أما بخصوص نسبة الأرباح التي يراها السائقون بأنها مجحفة، فهي تعاقد برضا الطرفين، وهنا يعتبر السائق الذي يستعمل سيارته كشريك مع الشركة وليس بموظف تترتب عليه حقوق وواجبات أي موظف عادي، وهنا القانون لا يحمي المغفل، فعلى من يتجه للعمل مع هذه الشركة أن يكون مرخصا قانونيا، فأي مخالفة تترتب عليه هو فقط لأنه ليس بموظف لدى هذه الشركات المسيرة للتطبيقات، أما ما يحسب على هذه الشركات هو مخالفة لائحة التسعيرة المحددة من طرف وزارة النقل، ففي غالب الأحيان تلجأ للمضاربة والتلاعب بالأسعار وهو مرفوض تماما. فالأحرى على مؤسسي هذه الشركات استئجار سائقين معتمدين قانونيا ومرخصين من السلطات المحلية لنقل المواطنين واحترام التسعيرة الواردة في لوائح وزارة النقل، وتتحمل بذلك الشركة مسؤوليتها تجاه السائق والزبون.
بين رضا الزبون وسخط السائق
بين رضا الزبون الذي استحسن كثيرا هذه الفكرة، وبين سخط سائق الأجرة، يبقى أصحاب هذه التطبيقات التي تنشط في السوق الجزائرية مجهولي الهوية. للتذكير، فإن هذه التطبيقات غزت فرنسا في 2016 من قبل وأثارت موجة غضب عارمة في أوساط سائقي الأجرة التقليديين تجلت في موجة إضرابات واحتجاجات للنقابة المعنية والطلب من السلطات المعنية التدخل في الأمر، وهو ما جعل مؤسسي شركة UBER في موقف صعب مع السلطات القضائية الفرنسية.
بشرى زهار