يعتبره البعض ضروريا

الكذب الأبيض.. كيف يؤثر على الحياة الزوجية؟

الكذب الأبيض.. كيف يؤثر على الحياة الزوجية؟

يُعرَّف الكذب الأبيض على أنه كذب “بريء”، يُلجأ إليه لتجنّب إيذاء المشاعر أو لتفادي الجدال الحاد، وغالبًا ما يبدو هذا النوع من الكذب غير مؤذٍ على المدى القصير، لكنه قد يخفي آثارًا عميقة تتراكم مع مرور الوقت.

وفي هذا المقال، سنسلّط الضوء على الكذب الأبيض في العلاقات الزوجية، وإن كان سيؤثر على الحياة الزوجية.

الكذب الأبيض

الكذب الأبيض هو نوع من الكذب الذي يُقال بهدف التخفيف أو الحماية. فمثلًا، قد يقول أحد الزوجين “الطعام لذيذ” فقط ليُرضي الآخر، حتى لو لم يعجبه. في دراسة علمية وُجِد أنّ الكذب الأبيض يُستخدم بكثرة في العلاقات القريبة، خاصةً الزوجية، كوسيلة لتجنّب الإحراج أو ردّات الفعل القاسية.

لكن رغم نوايا الشخص، يبقى الكذب ابتعادًا عن الحقيقة، ومع تكراره، قد يتحوّل إلى عادة تُضعف الصدق وتقلّل من مصداقية الطرف المتكلم، حتى لو كانت نواياه حسنة.

 

لماذا نلجأ إلى الكذب الأبيض؟

غالبًا ما ينبع الكذب الأبيض من الرغبة في حماية الطرف الآخر أو في الحفاظ على جو من الاستقرار، قد يخشى الزوج أن يُزعج زوجته بنقد ما، أو العكس، كما تؤدّي الضغوط اليوميّة والاجتماعية والموروثات الثقافية دورًا كبيرًا في تعزيز هذا السلوك.

وبحسب دراسة نُشرت في عام 2021، بيّن الباحثون أن الكذب الأبيض قد يكون مدفوعًا بالشعور بالقلق أو التوتّر من فقدان العلاقة أو من ردّات الفعل السلبية، إذ يشعر الطرف الكاذب أنه مجبر على “تجميل” الحقيقة حفاظًا على الحب والسلام الأسري.

لكن هذه الدوافع لا تُبرّر تكرار الكذب. فكل كذبة، مهما كانت بسيطة، تضعف الخيط الرفيع بين الثقة والتشكيك.

 

هل يمكن أن يدمر الكذب الأبيض الحياة الزوجية؟

يقول الخبراء إنه يُمكن لتكرار هذا النوع من الكذب أن يخلق فجوة عاطفية غير مرئية. في البداية، قد لا يلاحظ الطرف الآخر الأمر. لكن مع الوقت، يبدأ الشك بالتسلل. وحين تنكشف الأكاذيب البسيطة، يُطرح سؤال مؤلم: “إذا كنتِ تكذبين في هذا، فماذا تخفين أيضًا؟”

أظهرت الدراسات النفسية أنّ الكذب مهما كان نوعه، يؤدي إلى توتر داخلي لدى الكاذب، وإلى اهتزاز في ثقة المتلقي. هذا التوتر يُترجم إلى تباعد عاطفي، أو صمت، أو حتى خصام دائم.

والأخطر من ذلك، أن الكذب الأبيض يعطي انطباعا مزيّفًا عن العلاقة، فبدلًا من مواجهة المشاكل، يُغلفها الطرفان بكلمات منمّقة، ما يُبقيها من دون علاج.

 

الآثار النفسية للكذب الأبيض

لا يقتصر تأثير الكذب الأبيض فقط على العلاقة، بل يمتد إلى الصحة النفسية للأزواج، فالكاذب يشعر بالذنب والضغط، مما يؤثر على مزاجه وتواصله. والمتلقي، حين يكتشف الكذب، يشعر بالخيانة والانفصال العاطفي.

وفي تقرير حديث، تبيّن أن الأزواج الذين يمارسون الكذب الأبيض باستمرار هم أكثر عرضة للقلق، وقلة الحميمية، وتراجع مستويات السعادة الزوجية.

وبالتالي، قد يبدو الكذب الأبيض بسيطًا، لكنه يضغط على البناء النفسي للزواج ويُضعف الانسجام الداخلي لكل طرف.

 

هل هناك بدائل عن الكذب الأبيض؟

بدلًا من قول كذبة بيضاء، يمكن استخدام الصدق الحنون، أي قول الحقيقة لكن بلغة ناعمة ومراعية. فمثلًا، بدلًا من قول “الطعام لذيذ” وأنت لا تحبه، يمكنك قول “أقدّر تعبك جدًّا، وربما أفضّل نكهة مختلفة المرة القادمة”.

أيضًا، تخصيص وقت للحوار الصادق والهادئ بين الزوجين يخفّف من الحاجة إلى الكذب، كلما زادت الأمانة، زادت الثقة. وكلما زادت الثقة، أصبح الصدق أكثر قبولًا.

كذلك، التدريب على “الذكاء العاطفيّ يُساعد على إيصال الحقيقة بشكل بنّاء، وهذا يعزز التفاهم ويُخفف من ردّات الفعل السلبية.