-
غابة ساحرة مطلة على البحر
تعرف حديقة الربوة الجميلة الواقعة في مدخل ولاية تيبازة إقبالا كبيرا للزوار الراغبين في قضاء أوقات جميلة وسط الطبيعة الساحرة، خاصة وأن الدخول إليها يكون بمبلغ رمزي قدره 100 دج، ما جعل التوافد إليها يتزايد كل سنة.
تشكل مناظر حديقة الربوة الجميلة لوحة طبيعية من أروع ما خلق المبدع سبحانه، حيث امتزجت فيها خضرة الغابة بزرقة البحر الذي تُطل عليه الغابة من فوق مع وجود ممر ينتهي بسلم طويل يوصل إلى شاطئ البحر، كما زينت أشجار الصنوبر البحري المكان وشكلت ظلالا تحمي الزوار من أشعة الشمس.
يوم جميل بين الطبيعة
تعرف غابة الربوة الجميلة توافد العائلات من تيبازة ومن الولايات المجاورة، مرفقين بأبنائهم بغية قضاء يوم جميل، أين وجدناهم جالسين ما بين الأشجار وأبناؤهم يطوفون بهم ويقفزون هنا وهناك، كما كانت بعض النساء يجلسن على الكراسي الخشبية المتواجدة هناك ومجتمعين حول مائدة ويدردشون في الكلام ما بين الأقارب والأهل ويقومون بحراسة أبنائهم من بعيد، ومنهم من وجدناهم يفترشون أفرشة قاموا بجلبها من منازلهم ويضعون عليها وجبات الفطور وأباريق الشاي والقهوة.
حيث تم تجهيزها بمختلف وسائل الراحة على غرار مقاعد وطاولات مصنوعة من الخشب للعائلات ومقاعد خشبية احترمت التناسق الجمالي لهذا الفضاء الطبيعي، إضافة لوجود موقف للسيارات إلى جانب خلق مساحة للعب لفائدة الأطفال وسط الغابة، ناهيك عن أعمال تنظيف محيط الغابة من النفايات مع توفير حاويات للتخلص من هذه الأخيرة، إلى جانب هذا تم تشييد سياج يحيط بالغابة من شأنه الحفاظ عليها من الدخلاء أو التخريب، كما تم توفير الأمن، وهو الجانب الذي لم يتم إغفاله، حيث يسهر على أمن المترددين على الغابة أفراد وأعوان الأمن التابعون للمصالح البلدية، كما تم استحداث مكان مخصص للصلاة، وهو الأمر الذي أشاد به زوار الغابة آملين أن يحظى باهتمام أكبر.
طاولات متوفرة وخيم لمن أراد ذلك
لا يقتصر توافد العائلات على حديقة الربوة الجميلة خلال العطل فقط، ولكنها تستقبل الزوار على مدار السنة وخاصة خلال نهاية الأسبوع، وإن كانت تعرف الذروة خلال العطل والأمر المعروف في كل أماكن الراحة والترفيه، وتختار العائلات هذه الحديقة للتمتع بالهدوء والطبيعة والشواء في الهواء الطلق أيضا، وهو ما يؤمنه المكان، سواء من حيث وجود الأغصان التي يمكن إشعالها واستعمالها كفحم أو بوجود الأماكن التي يمكن أن تبسط فيها الزرابي وتوضع الموائد وتجهز الشواية غير بعيد للقيام بعملية الشي، كما تكتفي بعض العائلات بوضع ما جاءت به من المنازل على الطاولات الخشبية الكثيرة الموجودة في الحديقة بالكراسي التي جهزت لضمان رفاهية وراحة زوار الحديقة الذين غالبا ما يختارون الجلوس أمام الجهة المطلة على خليج القرن الذهبي، حيث أكدت لنا العديد من العائلات أنها تجد الراحة والسكينة في الجلوس بالربوة المطلة على البحر على مدار أيام السنة لما للمكان من خاصية الاعتدال في الخريف والربيع والبرودة في الصيف خاصة أن الأشجار المتراصة هناك تضمن تبريد المكان.
كما تختار بعض العائلات نصب الخيم لضمان القيلولة، حسب ما أكدته السيدة “سندس” التي قالت إنها تأتي إلى هذه الحديقة منذ 12 سنة أي منذ زواجها، فقد سحرتها منذ أول مرة زارتها وبقيت مبهورة بجمالها وهدوئها الذي يخيم على الأجواء، وقالت إنها غالبا ما تأتي يوم الجمعة منذ الصباح الباكر، ما يجعل زوجها ينصب خيمة صغيرة لضمان قيلولة مريحة لطفليه.
فضاء للترفيه والتسلية
وفي قلب حديقة الربوة الجميلة، نُصبت مجموعة من الألعاب الخاصة بالأطفال والتي تُشكل نقطة جذب مغناطيسي لهم، فلا يكسر صمت المكان وهدوءه إلا أصواتهم المعبرة عن فرحتهم وسعادتهم التي تُثلج صدر الأمهات والآباء، الذين أشاروا في معرض حديثهم إلينا إلى أن الحديقة ككل متنفس طبيعي للجميع وتضمن الراحة والترفيه للكبير والصغير، كما يجد فيها الصغار أيضا ضالتهم من الحلويات السكرية التي لا توجد في كل الأماكن على غرار “لحية بابا” وتفاحة الحب الحمراء، وفي هذا السياق قالت السيدة رميساء “لا نقصد الحديقة في وقت محدد بل يختلف التوقيت كل مرة، فأحيانا نفطر هنا وأخرى نقصدها بعد العصر لنبقى بها حتى الساعة العاشرة ليلا، خاصة أن أبوابها مفتوحة والأمان بها موجود، كما أن حديقة الألعاب التي زادت المكان حيوية وجمالا بالأضواء المتلألئة ليلا تزيد من جمال المكان، علاوة على الاستمتاع بصفاء السماء المزينة بالنجوم التي تظهر أكثر من الأماكن الأخرى”.
وحسب ما تردد على ألسنة بعض زوار الحديقة، فإنّ السبب في اختيارها دون غيرها من المساحات الخضراء لقضاء بعض الوقت، هو امتداد مساحتها كونها بعيدة عن الضجيج، كما تمنح زائريها شعورا بالانتعاش والراحة، حتى وإن كان الجو حارا، كونها تطل على البحر، وعلى حد تعبير رب عائلة من الجزائر العاصمة، فإنّ أكثر ما يشده إليها كونها مطلة على البحر، إضافة لوقوعها على الطريق عند مدخل ولاية تيبازة، فلا يحتاج الوصول إليها الدخول في الممرات والطرقات الضيقة.
غياب الوعي وانعدام الثقافة البيئية يهددان الطبيعة
أغلب زوار الحديقة هم من العائلات، حيث يقصدونها مرفقين بأبنائهم للعب واللهو.. وتجلب كل عائلة ما يلزمها من طعام. ورغم أنّ الجهات القائمة على الحديقة حرصت على تزويدها بعدد من الحاويات المنتشرة في كلّ أرجائها، إلا أنّ ضعف ثقافة الحفاظ على البيئة جعل بعض الزوار يلقون نفاياتهم في كل مكان، خاصة ما تعلّق منها بقوارير المياه وأكياس “الشيبس” و”البسكويت” وعلب المثلجات وحتى حفاظات الأطفال، وهي في أغلبها من المواد البلاستيكية التي لا تتحلّل في الطبيعة، الأمر الذي شوّه منظر الحديقة وجعل الجلوس في بعض الأماكن غير ممكن. من أكثر السلوكات غير الواعية هي تلك التي تصدر من بعض العائلات أو الشباب الذين يختارون طهي عشاءهم في الهواء الطلق، حيث يقومون بإشعال النار لشواء اللحم، الأمر الذي يجعل الغابة عرضة للحرائق، وهي عادة سلوكات تحرص مصالح الغابات على محاربتها.
ل. ب