لا يُفرق الكثير من الأولياء بين السلوك الطبيعي وغير الطبيعي، فاختلاف أساليب تربية الأطفال، وطبيعة التعامل مع متطلباتهم، يعود إلى اختلاف شخصية الأهل وثقافتهم. فمنهم من يفرط في حماية أطفاله وفي تدليلهم، كما يحرص أشد الحرص على تنفيذ طلباتهم دون تردد، وتلبية رغباتهم دون أي شرط، ودون الانتباه للعواقب الوخيمة لهذا السلوك، الذي قد يجعل من هؤلاء الأطفال رجالا ونساء غير ملتزمين، ولا مؤهلين لتحمل المسؤولية مستقبلًا.
أوضحت بعض الأمهات أن تدليل الطفل يجعل منه اتكاليا وغير مسؤول خاصة في حالة الأم التي تسارع دائمًا إلى تلبية طلباته دون أن تكلفه بذل أي جهد، وكذلك تحرص على تجنيبه أي عناء.
فيما تنمو هذه المشكلة مع نمو الطفل، لتزداد سوءًا مع تقدم مراحل عمره، فهو في المدرسة لا يستطيع أن يتخذ قرارًا، أو يبدي رأيًا، في وسطه الطفولي بمفرده.
كما يرفض أن يشاركه أحد من زملائه في اللعب، وهو غير متوافق مع أقرانه، وعديم التعاطف معهم، بينما يرفض أيضا أن يكون خاسرًا أو أن يوبّخه أحد على سلوكه السيئ.
وفي النهاية يبقى وحيدًا غير محبوب من الصغار والكبار، ومن أبرز صفاته كثرة طلباته غير المقبولة من الآخرين، وأنه دائم الشكوى والتململ والاحتجاج.
في حين يتشدد الطفل المدلل في فرض رأيه، ولا يحترم حقوق الآخرين، ويكون شديد الغضب، وسريع البكاء دون مبرر، كما أنه لا يتحمل الضغوط، ولا يحب المنافسة، فإنه خلال مروره بمرحلة المراهقة، سيكون استعداده للانحلال السلوكي والانحراف الأخلاقي أكبر. وإذا استمرت تلبية كل طلباته المادية المتزايدة بدون رقابة ولا حساب، فقد يقع في فخ أصدقاء السوء، ويتجه إلى تعاطي المخدرات.
إذن يمكننا أن نقف على حقيقة أن الإفراط في التدليل والاهتمام الزائد يضعف شخصية الأطفال، وهذا انعكاس عملي مباشر لعدم قدرة الوالدين على التفريق في مطالب الطفل، بين حاجاته الأساسية ورغباته المبالغ فيها، وتكون النتيجة ألا يتبع الطفل المدلّل قواعد التهذيب، ولا يحسن الاستماع إلى توجيهات الأهل ولا يحترم والديه.