يفضّل بعض الأولياء إرسال أبنائهم إلى مدارس تعليم القرآن، من أجل حفظ ما أمكن منه، وهي ممارسة تحوّلت إلى تقليد في بعض مناطق البلد في كل صيف.
ففي الأرياف والصحراء الجزائرية وحتى المدن الكبرى، تنتشر بقوة هذه الظاهرة، حيث تُفضل أغلب الأسر تسجيل أبنائها في الكتاتيب أو الزوايا من أجل تعلّم القرآن مع بداية عطلة الصيف السنوية.
..عندما تتغلب الفائدة على الترفيه
لم تعد الشواطئ والفسح الإغراء الوحيد للعائلة الجزائرية، ولم تعد العطلة مقترنة فقط بالترفيه، حيث أصبح لها جوانب مهمة تفوق نتائجها الإيجابية جانب الترفيه والاستجمام، وتتلخص في مجملها في التحصيل الديني والتفوق في حفظ القرآن الكريم ونهل علومه، بحيث لم تعد مادة التربية الإسلامية التي تدرس عبر المؤسسات التربوية تفي بالغرض من حيث تثقيف الطفل دينيا بسبب الحجم الساعي الضيق، بالإضافة إلى شح البرامج الدراسية المتخصصة في علوم الدين، فاختارت العائلات المدارس القرآنية وتوجيه أبنائها الى حفظ القرآن وفهمه والانتفاع بأحكامه، ويكون الغرض الأساسي تنشئة الطفل على المعارف الدينية وحفظ القرآن بما تحكم به تعاليم ديننا الحنيف، خاصة وأن الطفل الجزائري يحيا في دولة دينها الإسلام ومن العيب أن يهمل حفظ القرآن ومعرفة أحكامه.
مقصد الراغبين في حماية أبنائهم
في ظل الآفات والانحرافات السلوكية التي أصبح المجتمع يتخبط فيها ويعيش على وقعها الكثير من الأطفال، تسعى الأسرة الجزائرية الى إيجاد الحلول لوقاية أطفالها من مخالب الآفات التي تحيط به، وهو ما دفعها للتعليم القرآني، بحيث أصبح تسجيل الأبناء في المدارس القرآنية كل عطلة صيفية تقليدا سنويا، وتكون هذه المدارس عادة تابعة للمساجد وتستغل الفترة الصيفية طويلة المدى في تحفيظ كتاب الله للأطفال حسب أعمارهم وقدرتهم على حفظ الأحزاب، بحيث صار القرآن من بين الأولويات التي تعتمد عليها الكثير من الأسر في تنشئة الأبناء، خاصة وأنه أب العلوم جميعا، فجميع من تخرجوا من المدارس القرآنية أبانوا تفوقهم العلمي عبر المدارس وحسن سيرهم وسلوكاتهم في مختلف المراحل العمرية، فالمدارس القرآنية تساهم بقسط كبير في بناء جيل سليم ومتوازن له الدور البارز في حمل الشعلة وبناء الوطن.
محمد إيدير مشنان: “الروح المتوقدة بالمجتمع الجزائري هي ما يدفعه للحفظ والمحافظة على كتاب الله”
ويقول المتتبعون إن الجزائر تعرف حاليا نهضة علمية قرآنية نتيجة الجهد والدعم المبذول للحث على سلوك الإمامة والتوجيه والإرشاد، حسب ما أعرب عنه بميلة الأستاذ مشنان محمد إيدير مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، واعتبر في مداخلته بعنوان “المدرسة القرآنية الصيفية” خلال الندوة المنظمة مؤخرا من طرف المديرية المحلية للشؤون الدينية والأوقاف، وذلك بمسجد الفرقان بمدينة ميلة، أن الروح المتوقدة بالمجتمع الجزائري هي ما يدفعه للحفظ والمحافظة على كتاب الله، ولذلك -كما قال- هناك دفع كبير من الأسر الجزائرية لأبنائهم نحو المدارس القرآنية للتحلي بمبادئ وأخلاق الدين.
وأضاف مشنان بأن التعليم القرآني يعد من أهم الأنشطة المقدمة بالمساجد، مؤكدا أنه نشاط متواصل وليس محصورا على المدرسة الصيفية فحسب على حد تعبيره. وقال ذات المتدخل إن الجزائر تتميز بالمئات من المجازين من القارئين والقارئات وأن 70 في المائة من المشاركين الجزائريين في المسابقات القرآنية الدولية يحصلون على مراتب متقدمة، داعيا إلى اغتنام فرصة العطل في تحفيظ الأبناء القرآن الكريم من خلال الإقبال على المدارس القرآنية الصيفية.
سعيد معول: “للمسجد دور بارز في غرس الروح الوطنية”
بدوره تناول السيد سعيد معول المدير السابق للتكوين وتحسين المستوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف دور المؤسسة المسجدية في غرس الروح الوطنية وترسيخ الوحدة، مستشهدا بما قدمه بعض الكتاب إبان الفترة الاستعمارية حول حصانة الشعب الجزائري وعدم قابليته للتغيير والميل عن معتقداته وهويته الوطنية.
لمياء. ب